السبت, 12 يوليو 2025 10:48 PM

المبعوث الأمريكي يحث "قسد" على الاندماج السريع ويحذر من المواجهة مع دمشق وأنقرة

المبعوث الأمريكي يحث "قسد" على الاندماج السريع ويحذر من المواجهة مع دمشق وأنقرة

جدد المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، انتقاده لموقف "قسد" الرافض للانخراط في حل سلمي يضمن وحدة الدولة السورية، مؤكداً أن واشنطن ليست ملزمة بدعمها، ومحذراً إياها من المواجهة مع سوريا وتركيا.

وقال باراك لوكالة "أسوشيتد برس"، يوم الجمعة، إن "قسد" تشعر أن على واشنطن التزاماً تجاهها، لكننا لسنا ملزمين إذا لم يكونوا منطقيين. وأضاف أن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة مدينة لـ "قسد" لكونها شريكاً لا يعني وجود ما يبرر تشكيل حكومة مستقلة داخل حكومة.

وأكد المبعوث الأمريكي أنه لا تقدم في المحادثات بين الحكومة و"قسد"، مضيفاً أن دمشق قامت بعمل رائع في طرح خيارات على قوات سوريا الديمقراطية للنظر فيها، وأبدت حماسة كبيرة جداً لضمها إلى ما ناقشناه معاً، دولة واحدة، وشعب واحد، وجيش واحد، وحكومة واحدة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي السوري مصطفى النعيمي، في حديث لحلب اليوم، أن "قسد" تواجه ضغوطاً خارجية من الولايات المتحدة، وأخرى داخلية، مرجحاً أن الحل لن يكون إلا في إطار الدولة الواحدة.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي السوري، أحمد مظهر سعدو، لحلب اليوم، إن "قسد" ما زالت تتوهم أن مسألة تعنتها وتمنعها عن تطبيق اتفاقات كانت قد وقعتها مع حكومة دمشق قد يؤدي إلى امتلاكها القدرة على فرض الشروط والوصول من ثم إلى ما تصبو إليه من إقامة حكم تسوده لامركزية سياسية وقد تفضي بالضرورة إلى قيام حكم ودولة انفصالية.. بالإضافة إلى استمرار وهمها بأن الإدارة الأميركية ما زالت تدعمها وسوف يحميها هذا الدعم المفترض من أي هجوم عسكري فيما لو استمرت في تعنتها.

لكن الموقف الأميركي أضحى واضحاً حول أن ما يتم الاعتراف به في سوريا أميركياً هو الدولة الجديدة في دمشق وليس أي كيان آخر في شمال شرق البلاد أو في الجنوب.. مع العلم بأن الأمريكيين ما انفكوا متمسكين بـ "قسد" ولم يتخلوا عنها بشكل نهائي بل هم يرفعون الغطاء عنها رويداً رويداً، وفقاً لسعدو.

وحذّر باراك "قسد" من أنها ستواجه مشكلات مع الحكومتين التركية والسورية إذا لم تتحرك بسرعة نحو الاندماج، مضيفاً أن الولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لضمان اتخاذ "قسد" قراراً عادلاً وصحيحاً، مؤكداً أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا ليس إلى أجل غير مسمى.

من جانبه قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريح له صباح اليوم، إن بلاده تواصل العمل مع الحكومة السورية وشركائها الدوليين، مضيفاً: "أؤمن من أعماق قلبي بأن صفحة الإرهاب ستُطوى هناك أيضاً وتنتصر الأخوة".

يأتي ذلك بعد فشل المفاوضات التي جرت مساء الأربعاء الفائت بين الجانبين، بسبب رفض "قسد" تسليم مناطق سيطرتها لسلطة الدولة ورفضها الانخراط في قوى الأمن والجيش، ومطالبتها بحكم لا مركزي.

وقال باراك حينها، في تصريحات عقب الاجتماع، إن هناك طريقاً واحداً فقط أمام "قسد" وهو الذي يؤدي إلى دمشق، مؤكداً أن الفدرالية غير ممكنة في سوريا، كما انتقد "قسد" لأنها بطيئة في الاستجابة والتفاوض والمضي قدماً في هذا المسار، فيما أبدت الحكومة السورية حماساً بشكل لا يُصدق لضم "قسد" إلى مؤسساتها ضمن مبدأ الدولة واحدة.

ويرى النعيمي أن تمسك "قسد" بموقفها ينبع من عدة عوامل، أبرزها: الحفاظ على مكاسبها الإدارية والعسكرية وذلك بعد سنوات من القتال ضد تنظيم داعش وبدعم من التحالف الدولي، حيث أسست "قسد" إدارتها الذاتية وسيطرتها العسكرية على مناطق واسعة في المنطقة الشرقية من سوريا وتعتبر التنازل عن هذه المكاسب بالكامل للحكومة السورية يمثل تحدياً كبيراً لمستقبلها ووجودها.

كما تطالب باعتراف الحكومة السورية بمكوناتها وأهمية دورها والمطالبة بضمانات لحقوق المكون الكردي والمكونات الأخرى في مناطق سيطرتها وربما سعياً لشكل من أشكال اللامركزية الإدارية لكن وفق تفسيرها وليس بمعايير دولية وهنالك رفض أمريكي واضح لذلك من خلال تصريحات المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك برفضه بناء دولة "قسد" ضمن الدولة السورية وعدم نجاح التجربة الغربية المتمثلة بالفيدرالية في إدارة الدولة السورية، وفقاً للنعيمي.

ونوّه الكاتب والمحلل السوري بأن "قسد" تتذرع بمخاوف أمنية من حيث إن أي اتفاق قد يؤدي إلى تفكيك قوتها أو دمجها بطريقة تفقدها استقلاليتها مما قد يعرضها لخطر المواجهات مع أطراف أخرى في المنطقة خاصة تركيا، لكنها تواجه ضغطاً داخلياً متمثلاً بجناح إلهام أحمد وهو المسيطر عسكرياً على أية تسوية قد تمس بسيادتها أو وجودها المستقل.

وحول ما إذا كان موقف "قسد" مختلفاً بالفعل عن الموقف الأمريكي، قال النعيمي إن هناك بالفعل خلافات واضحة بدأت تطفو على السطح بين بخصوص طبيعة وشروط حل الأزمة مع الحكومة السورية وفق الرؤية الأمريكية رغم وجود هدف مشترك وهو التوصل إلى اتفاق وتتلخص هذه الخلافات في النقاط التالية:

– شكل الاندماج العسكري:

-الموقف الأمريكي: يرى المبعوث الأمريكي الخاص توماس باراك أن "قسد" بطيئة في التفاوض والتحرك نحو الاندماج مع الحكومة السورية، مؤكداً أن الطريق الوحيد هو إلى دمشق أي ضمن سلطة الحكومة المركزية يشير إلى أن واشنطن تتوقع دمج "قسد" في الجيش السوري، لكن الخلاف الرئيسي يكمن فيما إذا كانت "قسد" ستبقى كوحدة متماسكة بقيادتها الكردية ضمن الجيش الجديد، أو سيتم حلها ودمج أفرادها بشكل فردي، والموقف الأمريكي يميل لدمج الأفراد وليس كوحدة مستقلة.

– موقف "قسد": تسعى "قسد" للانضمام إلى الجيش السوري كقوة منفصلة تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية" مع الحفاظ على بنيتها الإدارية والأمنية، وهو ما ترفضه دمشق بشكل قاطع، "قسد" تبرر احتفاظها ببرامج تجنيد وتسليح مستقلة بـ "ضرورات الأمن المحلي".

– شكل الحكم والإدارة:

-الموقف الأمريكي: يؤكد باراك أن "الفيدرالية لا تعمل" في سوريا، ولا يمكن أن تكون هناك "دول غير قومية مستقلة داخل أمة". هذا يعني رفض أمريكي صريح لمطالب "قسد" بالحكم الذاتي الكامل أو الفيدرالية.

-موقف "قسد": تطالب "قسد" بصلاحيات محلية موسعة في شمال شرق سوريا وتسعى لشكل من أشكال اللامركزية الإدارية التي تضمن لها قدراً كبيراً من التحكم في المناطق التي تسيطر عليها وخاصة التي تحمل قيمة اقتصادية كبيرة كثروات طبيعية سطحية وباطنية.

– وتيرة الحل وفق الرؤية الأمريكي: باراك صرّح بأن "قسد" كانت "بطيئة" في قبول والتفاوض والتحرك نحو الحل ونصحها بالإسراع في ذلك مؤكداً أن "الوقت ينفد" في إشارة واضحة لضرورة انخراط قسد ضمن الحكومة السورية بمعايير تحددها الدولة السورية.

– موقف "قسد": بينما أكد مسؤولو "قسد" تمسكهم بالحوار "مهما أخذ وقتاً طويلاً أو كان الطرف الآخر عنيداً" وهذا يشير إلى أنها لا تستعجل الحل بنفس القدر الذي تريده واشنطن.

التقارب في الهدف العام والتباين في التفاصيل: رغم هذه الخلافات تتفق الولايات المتحدة و"قسد" على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية فالولايات المتحدة بعد أن أعلنت عزم البنتاغون نقل مسؤولية محاربة داعش إلى عهدة الحكومة السورية تهدف إلى التخفيف من أعباء هذا الملف وإيجاد حل سياسي يضمن الاستقرار، من جانبها تدرك "قسد" أن دعمها الأمريكي ليس مفتوحاً وأن عليها التوصل لاتفاق مع دمشق لضمان مستقبلها في سوريا.

ويستخلص المحلل السياسي السوري من تلك "المواقف المتقاربة والمتنافرة في بعض الأحيان" أن الخلافات بين "قسد" والموقف الأمريكي هي خلافات حول الآليات والشروط والتفاصيل وليست بالضرورة خلافات حول مبدأ التوصل إلى اتفاق، الولايات المتحدة تدفع بقوة نحو حل يضمن وحدة الأراضي السورية تحت سيطرة الحكومة المركزية مع دمج "قسد" في إطار الدولة بينما تحاول "قسد" تحقيق أقصى مكاسب ممكنة والحفاظ على أكبر قدر من استقلاليتها في ظل هذه التطورات، وهذه الخلافات بدأت تطفو على السطح بوضوح مع التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأمريكيين.

أما حول الرؤية الممكنة لتحقيق حل لملف "قسد" والانتقال إلى سوريا موحدة بقيادة الحكومة السورية، فيرى النعيمي أنه يكمن في دمجها في المؤسسات الوطنية السورية (العسكرية والإدارية) مع منح مناطق شمال شرق سوريا بعض الصلاحيات الإدارية المحلية ضمن إطار اللامركزية، وبضمانات لحقوق المكونات المختلفة، بما يضمن سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها.

– العناصر الأساسية للحل ممكن التحقيق:

– الدمج العسكري التدريجي: حل "قسد" ككيان عسكري مستقل: هذا هو المطلب الأساسي للحكومة السورية، وترفض دمشق وجود "جيشين" على أراضيها. سيتعين على "قسد" حل هيكلها العسكري المستقل. استيعاب الأفراد ضمن الجيش السوري: يتم دمج أفراد "قسد" (الراغبين والذين تنطبق عليهم الشروط) في وحدات الجيش السوري المختلفة، بعد تدقيق أمني، ويمكن أن يتم ذلك على مراحل، مع إمكانية تشكيل وحدات "أمن حدود" أو "قوات محلية" تابعة للجيش السوري في مناطقهم الأصلية، ولكن تحت قيادة وإشراف الجيش السوري المركزي بالكامل. تسليم السلاح الثقيل والمتوسط: يتم تسليم جميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى الجيش السوري المركزي. وضع خاص للمقاتلين الذين لا يرغبون بالانضمام: يمكن منحهم خيارات مثل تسريحهم والعودة إلى الحياة المدنية، أو تقديم حوافز لهم للعمل في مؤسسات الدولة المدنية.

– اللامركزية الإدارية (وليس الفيدرالية): مجالس محلية منتخبة: يتم تفعيل دور المجالس المحلية المنتخبة في إدارة الشؤون اليومية للمناطق، مع صلاحيات واسعة في مجالات مثل الخدمات، التعليم، والصحة، ضمن إطار قانون الإدارة المحلية السوري. تمثيل المكونات: ضمان تمثيل عادل لجميع المكونات الإثنية والدينية في هذه المجالس (كرد، عرب، سريان، آشوريون، تركمان). التبعية للدولة المركزية: تبقى هذه المجالس والهيئات تابعة للحكومة المركزية في دمشق من الناحية السيادية والأمنية والاقتصادية الكبرى، ولا يعني هذا "حكماً ذاتياً" بالمعنى الانفصالي، بل "إدارة محلية" مدنية أكثر فعالية. إعادة بسط سلطة الدولة في جميع المؤسسات: إعادة تفعيل جميع مؤسسات الدولة المدنية (التعليم، الصحة، القضاء، المالية، الشرطة المحلية التابعة لوزارة الداخلية) بشكل كامل في مناطق شمال شرق سوريا. عودة الأجهزة الأمنية والمخابراتية: عودة الأجهزة الأمنية والمخابراتية التابعة للدولة السورية. القضاء: بسط سلطة القضاء السوري بشكل كامل. المصالحة الشاملة والعفو: إصدار عفو عام عن المتورطين في الأحداث، باستثناء من ارتكبوا جرائم خطيرة، لتسهيل عملية الدمج والقبول الشعبي. إعادة الإعمار والتنمية: البدء بمشاريع إعادة الإعمار والتنمية في المناطق المتضررة، وتوفير فرص عمل، لتحسين الظروف المعيشية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد عقد اتفاقا مع قائد "قسد" مظلوم عبدي، يقضي بخطوات متدرجة لإعادة دمج القوات والإدارات في شرق البلاد، لكن الأخيرة تراجعت عن التزاماتها، وطالبت ببنود مخالفة للاتفاق.

مشاركة المقال: