الجمعة, 8 أغسطس 2025 03:43 PM

حكاية خرفان بانورج: دروس في القطيعية والانقياد الأعمى في الواقع السوري

حكاية خرفان بانورج: دروس في القطيعية والانقياد الأعمى في الواقع السوري

في حكاية تعود للقرن السادس عشر كتبها الأديب الفرنسي فرنسوا رابليه، تبرز قصة "خرفان بانورج" بمعناها العميق. تدور الأحداث حول بانورج، الذي التقى بتاجر أغنام خلال رحلة بحرية. قام بانورج بشراء خروف واحد بسعر جيد، ثم ألقاه في البحر أمام الجميع. تبع القطيع بأكمله الخروف الأول دون تفكير، حتى كاد الرعاة أنفسهم يتبعونه. المشهد الساخر يحمل تحذيراً من الانقياد الأعمى، حيث تتلاشى الفردية في الجماعة.

بإسقاط هذه الحكاية على الواقع السوري، نجد أن البحر أصبح جزءاً من تفاصيل حياتنا. كم مرة تبعنا جميعاً "الخروف" الأول دون سؤال عن الوجهة؟ على مر العقود، تغيرت وجوه "الخراف" الأولى، لكن البحر ظل كما هو: بحر الشعارات والوعود والانقسامات.

في مراحل عديدة من تاريخنا، بدا الاندفاع وراء المتصدرين وكأنه عمل وطني أو وعد بالخلاص، لكن النتيجة كانت غالباً الوصول إلى القاع مع اقتناعنا بأننا اخترنا مصيرنا. هذه النزعة البشرية تتغذى على الخوف من العزلة والرغبة في الأمان الجماعي، حتى لو كان الثمن هو الذهاب إلى المجهول.

الدرس المستفاد من القصة بسيط وعميق: التوقف قبل القفز والنظر ملياً قبل الاتباع. سوريا اليوم أمام فرصة لتعلم هذا الدرس، باستعادة الفرد وعيه والمساهمة في تحديد الوجهة بدلاً من الانجراف. ربما يكمن الخلاص في أن يتعلم "القطيع" التفرق بحثاً عن بر آمن، ثم العودة لبناء جماعة واعية. عندها، تتحول قصة بانورج إلى حكاية نرويها بابتسامة، لأننا اخترنا النجاة.

(موقع أخبار سوريا الوطن الالكتروني-1)

مشاركة المقال: