درعا – محجوب الحشيش: يشهد قطاع الإنترنت في محافظة درعا، جنوبي سوريا، اضطرابات متكررة نتيجة للتعديات المتواصلة على الكابل الضوئي الذي يربط بين درعا ودمشق، مما أدى إلى تعطيل الخدمة بشكل دوري. يعاني السكان من ضعف شبكة الإنترنت، وهو ما دفعهم للبحث عن بدائل أخرى مثل الإنترنت الفضائي "ستارلينك" أو الإنترنت الفضائي الأردني.
أفاد عدد من سكان درعا لـ "عنب بلدي" بأن المحافظة شهدت انقطاعات متكررة للإنترنت خلال الفترة الأخيرة. من جهته، أرجع مدير شركة الاتصالات، أحمد الحريري، سبب هذه الانقطاعات إلى قيام لصوص بتخريب الكابل الضوئي. وأشار الحريري إلى أن آخر عملية تخريب وقعت في مطلع تشرين الأول الماضي، موضحًا أن هذه العمليات قد تراجعت بعد القبض على أحد المخربين.
تأثير الانقطاع على الدوائر الحكومية
يتسبب التعدي على الكابل في تعطيل عمليات تبادل البيانات، خاصة في البنوك ومكاتب السجلات المدنية ومراكز خدمة المواطن والجوازات، بالإضافة إلى جميع الدوائر الحكومية والفعاليات الاقتصادية والتجارية المرتبطة بالعاصمة دمشق.
حيان الشعبان، وهو طالب جامعي في درعا، صرح لـ "عنب بلدي" بأنه اضطر للانتظار لساعات للحصول على وثيقة رسمية من إدارة الجامعة بسبب انقطاع الإنترنت. وأضاف أنه يواجه صعوبة في التواصل مع أصدقائه وأهله أثناء وجوده في الجامعة، ويجد صعوبة أيضًا في التواصل مع سائق "السرفيس" الذي يذهب إلى قريته عند العودة إلى منزله. يلجأ حيان إلى استخدام إنترنت فضائي أردني في منزله، ولكنه يضطر لتفعيل باقة على جواله من شركة "سيريتل" لتأمين الإنترنت أثناء وجوده في الجامعة.
ياسين الأكراد، أحد سكان حي طريق السد، ذكر أنه انتظر ساعات للحصول على وثيقة "غير محكوم" من الأمن الجنائي، وتكرر الأمر معه في المحكمة، حيث كان رد الموظف أن الإنترنت مقطوع من دمشق.
اللجوء إلى "ستارلينك" كحل بديل
لجأ محمد الحسين، وهو إعلامي يعمل في درعا، إلى الاشتراك مع أصدقائه لتركيب جهاز "ستارلينك" بسبب ضعف الإنترنت، إضافة إلى أن الإنترنت في سوريا لا يلبي احتياجاته في العمل. يدفع محمد مبلغ 25 دولارًا شهريًا للاشتراك في الإنترنت الفضائي، ويسعى إلى توفير إنترنت قوي في منزله لمواكبة الأحداث وتحميل الصور والفيديوهات التي يصورها بالسرعة الممكنة. وأشار محمد إلى أن بعض الدوائر الرسمية لجأت إلى تركيب "ستارلينك" لتأمين إنترنت يلبي خدماتها. يدفع مشتركو "ستارلينك" مبلغ 100 دولار شهريًا كرسم اشتراك.
وكانت الاتصالات قد حذرت سابقًا من حيازة أجهزة "ستارلينك" أو توزيع الإنترنت الفضائي دون ترخيص، معتبرة ذلك مخالفة للأنظمة والقوانين النافذة. صرح رئيس الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سوريا، عاطف الديري، في 25 من كانون الثاني الماضي، بأن استخدام محطات الإنترنت الفضائي دون ترخيص يُعد انتهاكًا صريحًا للأنظمة المعمول بها، داعيًا الشركات والمستخدمين إلى الامتثال للوائح التنظيمية. وأضاف أن خدمة "WiFi Outdoor"، وهي شبكة لاسلكية مستقلة عن خطوط الهاتف الأرضي، تُعد تجربة رائدة لتوفير الإنترنت في المناطق غير المخدمة، مشيرًا إلى وجودها في مناطق الشمال السوري. وأوضح الديري أن الخدمة تعتمد حصرًا على الإنترنت المقدم عبر الشركة السورية للاتصالات، حيث لن يُسمح باستخدامها في المناطق المخدمة بتقنية "ADSL" مؤقتًا، مع منح الأولوية للمناطق التي تعاني من نقص خدمات الإنترنت.
وعود بتحسين خدمة الإنترنت
أكد مدير الاتصالات في درعا، أحمد الحريري، أن الشركة العامة للاتصالات بدرعا تعمل على زيادة الحزمة الدولية من الإنترنت وتمديد كوابل ضوئية لجميع المحافظات. ووعد بتحويل الشبكات النحاسية إلى ضوئية وتخديم المناطق التي لا تتوفر فيها الخدمة الهاتفية بشبكات ضوئية، وفقًا لخطة الشركة القادمة.
وفي خطوة يُتوقع منها تحسين واقع الإنترنت في سوريا، وقعت الشركة السورية للاتصالات، في 25 من تشرين الأول الماضي، اتفاقية لإنزال أول كابل بحري دولي يربط سوريا بشبكة الاتصالات العالمية، مع شركة "ميدوسا" الإسبانية ومقرها برشلونة. سيتم إنجاز المشروع على مراحل وصولًا إلى إنجازه بالكامل عام 2027، على أن تغطي خدماته مختلف المحافظات السورية. واعتبر وزير الاتصالات، عبد السلام هيكل، في كلمة خلال فعالية توقيع الاتفاقية أن هذا المشروع يتجاوز كونه بنية تحتية رقمية، وإنما هو رسالة إلى العالم بأن سوريا عادت لتكون جسرًا بين القارات، بين أوروبا وآسيا، ورمزًا للتعاون والانفتاح الذي يجسد شخصية سوريا الجديدة.