دمج الوزارات السورية: تخفيف الأعباء المالية وزيادة كفاءة الإدارة

شهدت نهاية آذار الماضي الإعلان عن تشكيلة الحكومة السورية الجديدة، التي تضمنت تغييرات جوهرية من بينها دمج عدة وزارات دون توضيح الأسباب الدقيقة وراء ذلك. بموجب التعديل الوزاري، عُيّن نضال الشعار وزيرًا للاقتصاد والصناعة، وذلك عقب دمج وزارات الصناعة والتجارة والاقتصاد. كما تم تعيين محمد البشير وزيرًا للطاقة، بعد دمج وزارات الكهرباء، النفط، الموارد المائية، والثروة المعدنية. أثار هذا القرار تساؤلات حول مبرراته، خاصة مع دمج وزارات حيوية تمس الواقع الاقتصادي والخدمي للبلاد، بينما ينتظر السوريون تغييرات إيجابية تعكس تطلعاتهم.
## الدمج كخطوة تنظيمية واقتصادية
شملت التشكيلة الجديدة 23 وزيرًا فقط، مقارنة بـ29 وزارة في حكومة آب 2024. تم تقليص الوزارات عبر عمليات دمج، بما في ذلك استحداث وزارتين جديدتين: وزارة الشباب والرياضة، ووزارة الطوارئ والكوارث. وفق تقرير صادر عن مركز "حرمون للدراسات"، يعكس هذا التقليص توجهًا تنظيميًا لمجابهة تحديات شح الموارد وضعف التمويل الحكومي، مع السعي إلى تخفيض النفقات التشغيلية وزيادة كفاءة الأداء الحكومي.
ورغم احتمالية التوفير المالي الناجم عن التقليص، هناك تحديات تفرضها الحقائب الوزارية المدمجة على المسؤولين في ظل الفوارق البيروقراطية والتعقيدات داخل الهيئات الإدارية.
## مبررات الدمج وتأثير الاقتصاد
يرى الباحث الاقتصادي خالد التركاوي أن دمج الوزارات يمكن أن يحمل فوائد اقتصادية عبر تشجيع القطاع الخاص وتمكينه من الاضطلاع بدور أكبر في تنمية الاقتصاد. وأوضح أن تراجع الموارد الحكومية يدفع نحو تقليص عدد العاملين في القطاع العام، مما قد يعزز التحاق القوى العاملة بالقطاع الخاص، الذي يتميز بقدرات مالية ورواتب أعلى نسبيًا.
كما أشار التركاوي إلى أن هذا الإجراء، وفق نظرية العائد المتناقص، قد يعني تحسين الكفاءة الإدارية بشرط إعادة توظيف الفائض من العمالة الحكومية في قطاعات أكثر إنتاجية.
## الآثار الإدارية والتحديات
يعتقد الخبراء أن إعادة هيكلة الوزارات ستسهم في تخفيف التعقيدات الإدارية والقانونية، مما يعزز من التنسيق بين الجهات الحكومية. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في ضبط المهام بين الهيئات والمديريات المدمجة، بما يتطلب وقتًا لإعادة تنظيم العمل الإداري.
من جانب آخر، تقليص العاملين في القطاع الحكومي، وفق التركاوي، يوفر مبالغ كبيرة على المدى القصير يمكن أن تصل إلى ملايين الدولارات. ومع التحاق هؤلاء العاملين بالقطاع الخاص مستقبلاً، يتوقع أن يساهم ذلك في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتحسين الظروف الاقتصادية للأسر السورية.
## الانعكاسات الإيجابية والمتطلبات المستقبلية
رغم القلق المؤقت بين الموظفين جراء هذه التغييرات، تشير التوقعات إلى أن الدمج قد يكون له انعكاسات إيجابية طويلة الأمد، بما في ذلك تحسين التخطيط الحكومي وتيسير اتخاذ القرار. إلا أن نجاح هذه التعديلات يستلزم وضع خطط واضحة لإعادة توزيع الكوادر البشرية وتأهيلها، مع استراتيجيات لدعم القطاع الخاص وتحسين بيئة الاستثمار.