هلال عون: يواجه المواطن السوري، خاصة ذوي الدخل المحدود، زيادات كبيرة في فواتير الكهرباء اعتبارًا من هذا الشهر، حيث تجاوزت الأرقام قدرة الكثيرين على الدفع، وفقًا لآراء المراقبين.
أثار قرار الحكومة الأخير برفع أسعار الكهرباء انتقادات واسعة وتساؤلات حول ما إذا كان خطوة إصلاحية ضرورية أم مغامرة اقتصادية غير محسوبة. يرى البعض أن هذا القرار جزء من تحول الاقتصاد إلى اقتصاد السوق الحر، بينما يعتبره آخرون "مراهقة اقتصادية".
يبقى المواطن السوري الخاسر الأكبر، محاصرًا بين ارتفاع الأسعار وتآكل الدخل، والحاجة إلى الكهرباء والقدرة على تحمل تكلفتها. يتابع هذا التحقيق آراء المواطنين والخبراء ومقترحاتهم.
في مقال للباحث الاقتصادي عصام تيزيني، وصف القرار بأنه تجسيد لحالة الارتباك الاقتصادي وغياب البوصلة الاجتماعية لدى الحكومة، منتقدًا سلسلة القرارات الأخيرة، بما في ذلك رفع أسعار الكهرباء والسماح بتصدير خردة المعادن.
رجل الأعمال أحمد الزيات قارن الوضع في سوريا بنموذج دول الخليج، حيث الكهرباء مجانية أو مدعومة، بينما الخبير المصرفي محمد الخطيب أيد رفع الدعم العام بشرط إصلاح هيكل الدخل أولاً.
من جهة أخرى، رأى رجل الأعمال محمد ركاد حميدي أن الحكومة تعمل في ظروف قاهرة من شح الموارد، داعيًا إلى شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع.
د. عابد فضلية يرى أن رفع أسعار الطاقة ليس حلاً للعجز، بل يؤدي إلى تضخم متسلسل، مقترحًا بدائل مثل رفع الرسوم الجمركية على السلع غير الضرورية.
الخبير الاقتصادي إيهاب اسمندر شدد على أن المشكلة تكمن في غياب الإصلاح الاقتصادي الشامل، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من الكهرباء تستهلكه مؤسسات الدولة دون دفع ثمنها أو يضيع كفاقد فني وسرقات.
الصناعي حمود المفتي أوضح أن شريحة الدعم الحالية غير واقعية، وأن الفاتورة الشهرية ستتجاوز قدرة الموظفين على الدفع، مقترحًا إعادة النظر في الشرائح.
في دمشق وحمص واللاذقية، يتداول الناس قصصًا عن فواتير تجاوزت دخل الأسرة الشهري، واضطر البعض إلى تقليل الاستهلاك أو العودة إلى المولدات والشموع.
تقول أم طارق، موظفة في ريف حماة، إن فاتورتها سترتفع بشكل كبير، مما يجعل الحياة أكثر صعوبة. يرى اقتصاديون أن رفع أسعار الكهرباء سيؤدي إلى موجة جديدة من التضخم.
أبو محمد (ه.خ) وجد أن الحداد أبو محمود رفع الأجرة المتفق عليها بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء.
يتفق الخبراء على أن المشكلة ليست في القرار بحد ذاته، بل في غياب الرؤية الشاملة لمعالجة أزمة الطاقة، وأن رفع الأسعار دون إصلاح هيكلي ينقل الخسائر إلى المواطن.
يشير إيهاب اسمندر إلى أن معالجة الفواقد في الشبكة الكهربائية يمكن أن يوفر مئات المليارات دون رفع الأسعار. ويرى البعض أن الحكومة لم تستثمر بجدية في الطاقة المتجددة.
محمد ركاد حميدي وإيهاب اسمندر يتفقان على ضرورة تنمية الموارد والاستثمار الذكي والإدارة الكفوءة.
يرى خبراء أن غياب التشاركية بين الدولة والمجتمع في صنع القرار الاقتصادي هو أحد أسباب الأزمة، وأن هناك حاجة إلى عقد اجتماعي جديد يربط بين الدولة والمواطن.
يحذر الخبراء من تداعيات قرار رفع الكهرباء، بما في ذلك زيادة التضخم، وتراجع القدرة الشرائية، وتوسع السوق السوداء للطاقة، وتعميق الفجوة الطبقية، وإضعاف الثقة بالحكومة.
في النهاية، يرى السوريون أن إصلاح قطاع الكهرباء ضرورة، لكن الخلاف يتمحور حول كيفية ومتى ومن سيدفع الثمن. ففي بلد أنهكته الحرب والعقوبات، يبقى المواطن الحلقة الأضعف، يواجه الظلام بمعنى جديد: غياب العدالة في توزيع عبء النور.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة