تشهد مناطق واسعة في سوريا حالة استنفار أمني مكثفة، وذلك في ظل استمرار التحديات الأمنية الممتدة من الشرق إلى الشمال وحتى الغرب. يأتي هذا الاستنفار بالتزامن مع توسيع الحملة الأمنية في دير الزور، والإعلان عن اعتقال عدد من الضباط البارزين في النظام السابق في الساحل، بالإضافة إلى انعقاد اجتماع أمني موسع لمحافظتي حلب وإدلب.
يأتي هذا التحرك الأمني في أعقاب تزايد حوادث القتل والخطف والانفلات الأمني، في ظل انتشار السلاح خارج إطار القانون، الأمر الذي لا يزال يهدد الاستقرار ويعيق جهود التعافي. وذكرت مصادر في دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن الأجهزة الأمنية والعسكرية الجديدة لا تزال تعاني من الضعف وتفتقر إلى الخبرة الكافية، مشيرة إلى أن الدورات التدريبية غير كافية لتخريج عناصر منضبطين وأشداء. كما انتقدت المصادر تركيز الدورات على العلوم الشرعية والدين بدلاً من التركيز على القوانين والتعامل مع المدنيين، والهندام والانضباط، باعتبار ذلك جزءاً من فرض هيبة الدولة والقانون.
ناقش الاجتماع الأمني الموسع الذي عقد في محافظة حلب ظاهرة انتشار السلاح غير الشرعي وسبل الحد منها لتهيئة بيئة آمنة. وأكدت محافظة حلب أن الاجتماع ضم نائب وزير الدفاع اللواء محمد شعيب، ومعاون وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحان، وقائد الأمن الداخلي في حلب العقيد محمد عبد الغني، مع محافظ حلب عزام الغريب، ومحافظ إدلب محمد عبد الرحمن، إضافة إلى قادة الفرق العسكرية في حلب وإدلب. كما تناول الاجتماع سبل تعزيز التنسيق الأمني والعسكري لضبط الأمن وتطبيق إجراءات صارمة.
وفي دير الزور، أعلن قائد قوى الأمن الداخلي في المحافظة، العقيد ضرار الشملان، عن توسيع الحملة الأمنية في المحافظة، وذلك في المرحلة الثانية من الحملة الأمنية المشتركة مع وزارة الدفاع، لملاحقة عناصر سابقين ومنتسبين لـ«الفوج 47» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني» في منطقة البوكمال شرق محافظة دير الزور. وأكد العقيد الشملان أنه تم اعتقال عدد من المطلوبين والمتورطين في جرائم تمس الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أن التحرك جاء بعد ثبوت تورط عناصر الفوج 47 في عمليات اعتداء على المواطنين، وممانعة دوريات الأمن، ومخالفة إجراءات التسوية.
إلى ذلك، تتصاعد شكاوى السوريين العرب في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» من ملاحقة الموالين للحكومة السورية، حيث داهمت عناصر من «قسد» عدة منازل في قرية السحلبية غرب الرقة، كما جرى اعتقال عدد من الموالين للحكومة في حي المشلب في مدينة الرقة.
وفي اللاذقية، تجدد الجدل حول خطف نساء الساحل مع عودة إحدى المخطوفات في ريف اللاذقية. وبحسب معلومات الناشط عزازيل ديب، فإنها اختطفت من قبل شاب من البدو وعادت إلى ذويها بمساعدة الأمن العام، وكانت في محافظة إدلب. كما أشار إلى عودة مخطوفة أخرى من طرطوس بعد تمكنها من الهرب من خاطفيها لدى توقفهم قبل نقطة أمنية. وتشهد مناطق الساحل استنفاراً أمنياً مع تزايد جرائم القتل والخطف.
وفي تطور لافت، كشف العميد عبد العزيز هلال الأحمد، قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، عن تنفيذ سلسلة عمليات أمنية أسفرت عن توقيف عدد من ضباط بارزين في النظام السابق ومجرمين، منهم العميد دعاس حسن علي، والعميد رامي منير إسماعيل، والعميد موفق نظير حيدر، إضافة إلى فراس مفيد سعيد، وفراس علي صبيح، وآصف رفعت سالم، والعقيد عمار محمد عمار. وأشار إلى أنهم تورطوا في عمليات تصفية وتعذيب وسوء استخدام السلطة. كما كشف عن تمكن القوى الأمنية من تفكيك خلايا إرهابية متورطة في أحداث 6 مارس (آذار) الماضي، وتوقيف عمار شقيرة وأمير إسماعيل ناصيف، اللذين شاركا في عمليات إجرامية استهدفت أفراداً من المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنيين. وبحسب العميد الأحمد، جرى أيضاً اعتقال عادل أحمد عبد المنعم الريحان وأنور عادل الريحان، المتورطين في سلسلة جرائم وانتهاكات في مناطق الساحل السوري وجسر الشغور، وعلى رأسها مشاركتهما في مجزرة البيضا في بانياس عام 2013.