الثلاثاء, 30 سبتمبر 2025 07:39 PM

سوريا بعد عقد من التدخل الروسي: محاسبة ضرورية أم استعادة علاقات دولية؟

سوريا بعد عقد من التدخل الروسي: محاسبة ضرورية أم استعادة علاقات دولية؟

يصادف اليوم الذكرى العاشرة للتدخل العسكري الروسي في سوريا، والذي بدأ في 30 أيلول 2015 بحملة جوية واسعة النطاق أوقعت العديد من الضحايا المدنيين وتسببت بمجازر. تأتي هذه الذكرى في ظل تطورات كبيرة في الملف السوري، حيث تتشابك الرغبة في الاستقرار وتصحيح مسار العلاقات مع الدول مع تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.

أبدت الحكومة السورية مرونة في استعادة العلاقات مع روسيا على أسس "العدالة الانتقالية والاحترام والمصالح المتبادلة". وقد التقى مسؤولون من الجانبين عدة مرات، كان آخرها بين وزيري الخارجية أسعد الشيباني وسيرغي لافروف في نيويورك.

يعتبر التدخل الروسي نقطة تحول في مسار الحرب السورية، حيث غيّر موازين القوى وأعاد تشكيل المشهد السياسي والعسكري، لكنه لم يمنع سقوط الأسد في النهاية.

طالبت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان روسيا بتقديم اعتذار رسمي ودفع تعويضات وتسليم بشار الأسد، مؤكدة أنها قتلت 6993 مدنياً بينهم 2061 طفلاً و984 سيدة، إضافة إلى التسبب بنزوح وتشريد أعداد كبيرة من المدنيين، وأنه لا بد من المحاسبة.

وقالت يمن حلاق، الباحثة في الشبكة، في تصريح لحلب اليوم: "لا بد من التعويض وجبر الضرر وكشف الحقيقة. يجب على كل من ارتكب انتهاكات جسيمة بحق السوريين أن يعترف بانتهاكاته ويقدم اعتذارات علنية. ربما لا تحل تلك الاعتذارات المشكلة ولا تعيد للناس حقوقهم، ولكنها تضمن على الأقل شكلاً من أشكال العدالة الرمزية".

ومن شروط العفو أيضاً "تقديم التعويضات للضحايا وذويهم، ربما تكون مادية وربما تكون معنوية، ومن الممكن أن تكون عمليات الجبر فردية أو جماعية. فمن أركان العدالة الانتقالية حدوث مصالحة مجتمعية مبنية على هذه الأسس: الاعتراف والاعتذار العلني والمكاشفة والشفافية، هذا ما يضمن السلم الأهلي، وليس البدء بصفحة جديدة دون معالجة المظالم لأن ذلك سيزيد الغضب الشعبي والاحتقان"، وفقاً لحلاق.

مع تصاعد حدة المعارك بين قوات النظام البائد وفصائل الثورة منذ عام 2011 وتراجع سيطرة الأسد على مناطق واسعة، جاء التدخل الروسي ليمنع انهياره. بررت موسكو تدخلها بأنه "محاربة للإرهاب" وحماية لمصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وخاصة قاعدتها البحرية في طرطوس وقاعدتها الجوية في حميميم.

عززت موسكو وجودها العسكري بإنشاء قاعدة حميميم الجوية ونشر منظومات دفاع جوي متطورة، ووفرت غطاءً دبلوماسياً للنظام في المحافل الدولية، وشاركت ميدانياً بمستشارين عسكريين وقوات خاصة محدودة. لكن التدخل الجوي والمدفعي قلب موازين القوى لصالح الأسد وأخر سقوطه وتسبب بمزيد من المآسي في مختلف المحافظات السورية.

كما عرقلت المساءلة الدولية باستخدام حق النقض 18 مرة، منها 14 بعد تدخلها العسكري، وصوَّتت ضد الشعب السوري في 21 دورة لمجلس حقوق الإنسان ضد أي إدانة للنظام.

تشير تقديرات الشبكة إلى ارتكاب القوات الروسية في سوريا ما لا يقل عن 363 مجزرة، حيث طالبت بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الروسية وتعويض الضحايا.

دعت الشبكة الحكومة السورية إلى "تأطير العلاقات مع روسيا ضمن مقتضيات العدالة، وتنظيم أي علاقات أو تعاون مستقبلي مع روسيا ضمن إطار يلتزم بالمساءلة عن الانتهاكات السابقة، بما يشمل مطالبة روسيا بتحمُّل مسؤولياتها القانونية تجاه المدنيين المتضررين، وإلزامها بالتعويض والمساهمة في إعادة إعمار ما دُمِّر خلال تدخلها العسكري في سوريا".

زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو في تموز الماضي، وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف: "نمر بمرحلة مليئة بالتحديات، وهناك فرص كبيرة لسوريا ونطمح لأن تكون روسيا بجانبنا. نحن هنا اليوم لنمثل سوريا الجديدة حيث نريد أن نفتتح علاقة صحيحة وسليمة بين البلدين قائمة على التعاون والاحترام المتبادل".

وقال لافروف من جانبه إن روسيا "مستعدة لتوفير كل المساعدة الممكنة لإعادة الإعمار بعد النزاع".

مشاركة المقال: