السبت, 23 أغسطس 2025 12:33 AM

سوريا تستعد لإصدار عملة جديدة وحذف صفرين في محاولة لإنقاذ الليرة

سوريا تستعد لإصدار عملة جديدة وحذف صفرين في محاولة لإنقاذ الليرة

كشفت مصادر لوكالة رويترز عن عزم سوريا إصدار أوراق نقدية جديدة مع حذف صفرين من العملة المحلية، وذلك في محاولة لتعزيز الثقة بالليرة السورية التي شهدت انخفاضاً حاداً في قيمتها.

تهدف هذه الخطوة إلى دعم الليرة بعد تدهور قوتها الشرائية بشكل غير مسبوق، وذلك عقب صراع دام 14 عاماً. يذكر أن الليرة السورية فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ عام 2011، حيث وصل سعر الصرف إلى حوالي 10 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ 50 ليرة قبل الحرب.

أدى هذا الانخفاض الحاد إلى صعوبة المعاملات اليومية والتحويلات المالية، حيث بات المواطنون يحملون أكياساً من الأوراق النقدية لإجراء مشترياتهم الأساسية.

أفاد مصرف سوريا المركزي البنوك الخاصة في منتصف أغسطس بأنه يعتزم إصدار عملة جديدة مع حذف الأصفار، وذلك لتسهيل المعاملات وتحسين الاستقرار النقدي، وفقاً لوثيقة اطلعت عليها رويترز.

أكدت مصادر في بنوك تجارية ومصدر في المصرف المركزي ومسؤول اقتصادي سوري لوكالة رويترز أن المصرف المركزي أبلغهم لاحقاً بأنه سيتم حذف صفرين من العملة. وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لعدم الإعلان الرسمي عن القرار.

ترأس مخلص الناظر، نائب محافظ المصرف المركزي، اجتماعات بشأن إصلاح وضع الليرة، بحسب مصادر في البنوك التجارية التي حضرت الاجتماعات. ولم يستجب الناظر لطلب للتعليق. كما أحجمت أمل المصري، مدير مديرية مفوضية الحكومة لدى المصارف في المصرف المركزي، عن التعليق، مشيرة إلى سرية الأمر. ولم ترد وزارة المالية السورية على طلب للتعليق.

لم يتضح بعد ما إذا كانت إعادة تقييم الليرة ستتطلب موافقة تشريعية. ومن المقرر أن تُجري سوريا أول انتخابات لتشكيل مجلس تشريعي جديد في سبتمبر.

أفاد مصرفيان ومصدر سوري آخر مطلع على الأمر لرويترز بأن سوريا اتفقت مع شركة جوزناك الروسية الحكومية لطباعة النقود على إصدار الأوراق النقدية الجديدة. وأضافوا أنه جرى الاتفاق خلال زيارة وفد سوري رفيع المستوى لموسكو أواخر يوليو.

لم تستجب شركة جوزناك، التي طبعت أيضاً العملة السورية في عهد الأسد، لطلبات التعليق.

يذكر أنه في عهد الأسد، كان استخدام العملات الأجنبية محظوراً، ولكن قادة سوريا الجدد تعهدوا بإنشاء اقتصاد السوق الحر ورفعوا القيود لتسهيل التدفق النقدي. ومع تحول الاقتصاد إلى الدولار، وظهور أسعار صرف الدولار في كل مكان، هناك مخاوف بشأن أزمة سيولة في الليرة في بلد ذي بنية تحتية محدودة للمدفوعات الرقمية.

أشار ثلاثة من المصرفيين السوريين إلى أن أحد العوامل وراء خطة إصلاح العملة هو القلق بشأن تداول ما يُقدر بنحو 40 تريليون ليرة سورية خارج النظام المالي الرسمي. ومن شأن إصدار أوراق نقدية جديدة تحسين رقابة الحكومة على النقد المتداول.

يحمل هذا القرار دلالة رمزية مهمة بالتخلص من إرث حكم عائلة الأسد. ويظهر وجه بشار الأسد على الورقة النقدية الأرجوانية من فئة 2000 ليرة، بينما تحمل الورقة الخضراء من فئة 1000 ليرة صورة والده حافظ الأسد.

يخطط المسؤولون لإطلاق حملة إعلامية في الأسابيع المقبلة قبل الطرح الرسمي للأوراق النقدية الجديدة في الثامن من ديسمبر، الذكرى السنوية الأولى للإطاحة بالأسد. ووجه المصرف المركزي البنوك للتأهب لإصدار الأوراق الجديدة بحلول منتصف أكتوبر، وفقاً لمديرين في بنكين تجاريين.

طلب تعميم المصرف المركزي من البنوك إعداد تقارير مفصلة عن التجهيزات المتوفرة لديها، بما في ذلك عدد الكاميرات وماكينات عد النقود وسعة التخزين وإجراء اختبارات لضمان قدرة الأنظمة الآلية على التعامل مع الأوراق الجديدة.

أفاد المسؤولون الخمسة في البنوك التجارية بأنهم تلقوا إخطاراً بأن فترة انتقالية مدتها 12 شهراً ستسمح بتداول الأوراق النقدية القديمة والجديدة حتى الثامن من ديسمبر 2026.

أكد كرم شعار، الخبير الاقتصادي السوري والمستشار لدى الأمم المتحدة، أن تغيير الأوراق النقدية التي تحمل صورة الأسد تحول سياسي ضروري. إلا أنه حذر من أن إعادة تقييم العملة قد يربك المستهلكين، وخاصة كبار السن، إلى جانب الافتقار إلى إطار تنظيمي واضح أو خطة للتطبيق الكامل على مستوى البلاد نظراً لتفاوت سيطرة الدولة على مناطق البلاد.

اقترح شعار أن تصدر سوريا فئات أعلى من العملة نفسها، مثل أوراق نقدية من فئة 20 ألف ليرة أو 50 ألف ليرة، وهو ما من شأنه أن يحقق أهدافاً مماثلة من حيث تسهيل التعامل مع النقد وتخزينه، مع تجنب التكلفة الكبيرة لإصلاح العملة بالكامل، والتي قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.

(REUTERS)

مشاركة المقال: