الأحد, 27 يوليو 2025 08:52 PM

سوريا تسهل الاستيراد: هل يزيل الوضوح مخاوف التجار؟

سوريا تسهل الاستيراد: هل يزيل الوضوح مخاوف التجار؟

عنب بلدي – وسيم العدوي – لطالما أثقل النظام السوري السابق كاهل التجار والصناعيين بشروط وإجراءات استيراد وتصدير معقدة، وذلك في ظل النقص الحاد في موارد الدولة من القطع الأجنبي. إلا أنه وبعد سقوط النظام، سارعت الحكومة إلى إزالة القيود المفروضة على حركة الاستيراد والتصدير، مما فتح الباب واسعًا أمام الحركة التجارية والاستثمارات المحلية والأجنبية.

وقد ساهم قرار وزارة الاقتصاد والصناعة بإيقاف العمل بكل من "إجازة الاستيراد" و"استمارة الاستيراد" بشكل مبدئي، في تخفيف الأعباء والمخالفات التي كانت تترتب على التجار فيما يتعلق بأنظمة القطع الأجنبي (العملات الأجنبية) الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، الأمر الذي انعش حرية العمل التجاري في الأسواق.

المنافذ: تبسيط إجراءات إدخال البضائع

أكد مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، في تصريح لـ عنب بلدي، أن الإجراءات المتعلقة بإجازة واستمارة الاستيراد قد توقفت. وأوضح أن المطلوب من المستورد حاليًا لإدخال البضائع عبر الأمانات الجمركية هو تقديم الفاتورة التجارية، وشهادة المنشأ، وبيان الشحن (البوليصة)، وشهادة التأمين (إذا كانت البضاعة مؤمنة).

وأضاف علوش أنه بعد دفع المستورد الرسوم الجمركية وتخليص البضاعة جمركيًا، يجب أن تخضع البضاعة للرقابة الفنية والصحية إذا لزم الأمر، وذلك حسب نوع المواد المستوردة. فإذا كانت المواد غذائية أو طبية، يتم فحصها في المختبر، وإذا كانت من نوع آخر، يتم الكشف عليها وترسيمها وإدخالها بشكل مباشر، مؤكدًا عدم وجود أي إجراءات معقدة لإدخال البضائع إلى سوريا.

وأشار إلى وجود مواصفات قياسية معتمدة لجميع البضائع المسموح بدخولها إلى سوريا، وفي حال كانت هذه البضائع مخالفة للمواصفات المذكورة، يتم إتلافها أو الطلب من التاجر إعادتها إلى مصدرها، حسب الحالة. وأكد أنه لا يمكن لأي بضاعة مخالفة أن تدخل البلاد.

يُذكر أن الموافقات القياسية للمنتجات المحلية والمواد والبضائع والسلع المستوردة تصدر عن هيئة المواصفات والمقاييس السورية التابعة لوزارة الصناعة (وزارة الاقتصاد والصناعة حاليًا).

قوانين النظام السابق تعيق الاستيراد

يذكر أن القرار رقم "1130- ل أ" المتعلق بتمويل مستوردات القطاع الخاص والمشترك الصادر عن مصرف سوريا المركزي في عام 2023، كان يشترط على المستوردين الخضوع لسلسلة من الإجراءات المعقدة للسماح لهم بتخليص بضائعهم جمركيًا وإدخالها إلى البلاد، وذلك لإثبات أن التمويل بالقطع الأجنبي تم من خلال المصارف الخاصة وشركات الصرافة المعتمدة وحساباتهم ومواردهم المصرفية داخل البلاد وخارجها استنادًا إلى وجود إجازة وموافقة استيراد.

كما كان يلزم القرار ذاته المستوردين بتقديم إجازات استيراد في جميع الحالات، سواء كان القطع الأجنبي من إحدى شركات الصرافة المحلية أو من الموارد المتاحة للمستورد خارج سوريا، أو إذا كان القطع الأجنبي بشرط التمويل الآجل الذي لا يتجاوز 180 يومًا، إضافة إلى فرض مبالغ مرتفعة كبدل للتسويات على المخالفين من المستوردين، وكل ذلك قبل إيقاف العمل بإجازة الاستيراد.

تخليص جمركي خلال ثلاثة أيام

نتيجة لتبسيط الإجراءات والتوقف عن العمل بإجازة واستمارة الاستيراد، انخفضت المدة التي تستغرقها عملية التخليص الجمركي للبضائع في الأمانات الجمركية على المنافذ البرية والبحرية من سبعة أيام، وفقًا للمخلص الجمركي عثمان عبد الله، إلى يومين أو ثلاثة أيام عمل، ما لم تكن هناك مخالفات من قبل المستورد أو تأخيرات في تقديم فاتورة المستوردات.

وأشار عبد الله إلى أن عملية التخليص الجمركي تبدأ من وصول البضاعة إلى الميناء أو المعبر، وتفريغ الحاويات أو الشحنة، وسحب إذن التسليم من قبل الوكيل الملاحي أو شركة النقل، وتقديم المستندات التي تشمل: الفاتورة التجارية، شهادة المنشأ، بوليصة الشحن، بيان العبوة، وغيرها، وموافقة الجهات المختصة لبعض البضائع حيث تؤخذ عينات وترسل لجهات مخبرية لتحليلها مثل وزارة الزراعة أو الصحة، ثم دفع الرسوم الجمركية، ونقل البضاعة إلى مخازن المستورد.

مخاوف المستوردين: غموض المالية السورية

أعرب عضو المكتب التنفيذي في غرفة زراعة دمشق وريفها، معتز سواح، عن وجود بعض المخاوف لدى المستوردين من عملية الاستيراد، وتحديدًا من الغموض الذي تتبعه وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب والرسوم تجاه توضيح ما إذا كانت المستوردات تخضع لضريبة الدخل أم لا، وذلك لكي يكون التاجر أو المستورد على بينة من قيمة الضريبة.

وتساءل سواح عما إذا كانت دوائر المالية وهيئة الضرائب والرسوم ستطلب البيانات الجمركية للمستوردات وتخضعها لضريبة الدخل أم لا في نهاية العام الحالي، مؤكدًا أن هذا الأمر يقلق المستوردين ويجعلهم يترددون في استيراد احتياجات السوق المحلية من مواد أولية ومنتجات في طور التصنيع وغيرها من المواد الغذائية والصناعية. وأوضح أنه جرى توجيه هذا السؤال عدة مرات لوزارة المالية دون إجابة حتى تاريخه.

وأكد أن أثر الضريبة على المستوردات يظهر في معرفة التكاليف الحقيقية للمواد المستوردة، لأن وجود نسبة عالية أو منخفضة من الضريبة ينعكس على سعر المادة ذاتها المباعة في الأسواق. ودعا سواح إلى وضع مبادئ عامة وواضحة للاقتطاعات المالية على المستوردات والصادرات، لكي يعرف التجار ما لهم وما عليهم من التزامات مالية.

واقترح أن يتم اقتطاع ضريبة الدخل على المستوردات (إن وجدت) في أثناء عملية التخليص الجمركي للبضاعة في المنافذ الحدودية عند دخولها إلى سوريا.

المالية تمتنع عن الإجابة

توجهت عنب بلدي إلى مدير عام الهيئة العامة للضرائب والرسوم بالسؤال لتوضيح ما إذا كانت هناك ضريبة دخل سنوية على المستوردات، أو تم إيقاف هذه الضريبة، ريثما تتم إعادة دراستها وتخفيضها أو إعفاء المستوردين منها، لكنها لم تحصل على إجابات توضح القضية.

الرزنامة الزراعية والاستيراد

طالب عضو المكتب التنفيذي في زراعة دمشق وريفها باعتماد الرزنامة الزراعية في سوريا دليلًا لدى الجهات التي يتم استيراد المنتجات الزراعية بإشرافها ورعايتها وبتسهيل منها للحفاظ على استمرارية العمل الزراعي، مقترحًا فرض رسوم جمركية أعلى نسبيًا على المواد الزراعية المستوردة مثل الخضراوات والفواكه عندما يكون هناك إنتاج زراعي وفير منها في سوريا بهدف عدم الإضرار بالمنتج المحلي.

يذكر أن وزارة الزراعة ومديرياتها وغرف الزراعة، كانت قد خاطبت في وقت سابق من العام الحالي، الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، وأوقفت استيراد منتجات مثل البندورة والبطاطا والفروج والبيض خلال ذروة الإنتاج الزراعي لهذه المواد بهدف دعم وحماية الفلاحين والمنتج المحلي، وفقًا لما أفاد به سواح، وينبغي استمرار التنسيق حيال المستوردات طيلة العام.

وفي حين تغيب الأرقام الرسمية عن حجم الاستيراد حتى الآن، شهدت القدرة على الاستيراد توسعًا هائلًا، مما مكّن الشركات السورية من الوصول إلى موردين وتقنيات ومواد خام دولية كانت غائبة لسنوات. وقد كان هذا الأمر بالغ الأهمية للصناعات التحويلية التي تحتاج إلى مدخلات مستوردة، ولقطاع إعادة الإعمار الذي يحتاج إلى معدات ومواد دولية، بحسب تحليل نشره الخبير في التجارة الدولية جهاد سنجاب، في موقع "التجار".

ويستعيد قطاع التوريد تكامله تدريجيًا مع إعادة بناء الشركات السورية لعلاقاتها مع الموردين والعملاء الدوليين. وتتطلب هذه العملية وقتًا لإعادة بناء الثقة وبناء علاقات تجارية جديدة، إلا أن العوائق القانونية والمالية التي حالت دون ذلك قد أُزيلت.

مشاركة المقال: