الإثنين, 28 أبريل 2025 04:41 PM

في إدلب: إقبال متزايد على شراء الذهب كملاذ آمن في ظل تدهور قيمة العملة

في إدلب: إقبال متزايد على شراء الذهب كملاذ آمن في ظل تدهور قيمة العملة

تشهد أسواق الذهب والمجوهرات في مدينة إدلب إقبالًا ملحوظًا خلال شهر نيسان الحالي، مقارنة بالأشهر الماضية، وذلك على الرغم من ارتفاع الأسعار. وصل سعر الغرام الواحد من الذهب عيار 21 إلى 94 دولارًا أمريكيًا (ما يعادل تقريبًا 1.1 مليون ليرة سورية).

يرجع هذا الإقبال، وفقًا لرصد عنب بلدي، إلى الخوف من انخفاض قيمة العملات المتداولة، مثل الليرة التركية والدولار، بالإضافة إلى الرغبة في اقتناء قطع ذهبية مستعملة ذات صياغة بسيطة لتجنب الخسائر. تتراوح أجور صياغة الغرام الواحد من الذهب الجديد بين 3 و 5 دولارات، بينما تتراوح أجور صياغة الذهب المستعمل بين دولار واحد و 3 دولارات، وذلك حسب نظافة القطعة وطريقة صياغتها أو زخرفتها.

أكد صاغة ومشترون تحدثوا لعنب بلدي أن هذا الإقبال لا يعكس "رفاهية الشراء"، بل هو نابع من الخوف من خسارة "آخر المدخرات" أو فقدان العملات لقيمتها، في ظل التدهور المستمر في الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

للادخار خشية الخسائر

شهدت أسواق الذهب العالمية ارتفاعات غير مسبوقة خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الشهرين. يعتبر الذهب الملاذ الأكثر أمانًا لمدخرات السوريين في ظل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

يرى الصائغ عدنان قوصرة في مدينة إدلب أن المجتمع المحلي في المدينة يثق بشكل أكبر في الذهب كسلعة غالية الثمن وسهلة الحمل للادخار، وذلك بسبب ما واكبه من صراعات وحروب وتهجير. وعلى الرغم من انتهاء الحرب في سوريا، فإن شبحها العالمي لا يزال حاضرًا.

أوضح الصائغ لعنب بلدي أن إقبال السوريين على البيع ضعيف مقارنة بالشراء، وذلك بعد ظهور عدة تقارير تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار الذهب وتخطيها حاجز الـ 100 دولار للغرام الواحد في الفترة المقبلة. وبالتالي، فإن البيع سيعرض صاحبه لخسارة مالية هو في غنى عنها.

توجد شريحة واسعة من الأهالي لا يدخرون العملات الأجنبية كالدولار واليورو، التي تتأثر بشكل مباشر عند ظهور أصغر إشاعة لحرب ما.

رغم ارتفاع الأسعار، إقبال على شراء الذهب في إدلب – 26 نيسان 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
رغم ارتفاع الأسعار، إقبال على شراء الذهب في إدلب – 26 نيسان 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)

الخياطة زينب سرماني (36 عامًا) قالت لعنب بلدي إن النساء كن يتزينّ بالذهب ويتباهين به في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، ولكن في وقتنا الحالي أصبح كما تقول الجدّات "عقدة"، أي أنه استثمار لا يفقد قيمته ويفيد في الأيام الصعبة.

أما عن الأسباب التي تجعل الذهب الأكثر طلبًا، فهي عدم تأثره بالدمار أو التلف بسهولة، على عكس العقارات المنزلية أو التجارية التي أنفق عليها السوريون مدخرات حياتهم ودمرها نظام الأسد، وفق عروة الذي قرر شراء قطعة من الذهب من مدخراته المالية.

الخوف من الحروب، والبحث عن ديمومة، والقدرة على حمله والسفر بسهولة، بالإضافة إلى تعدد مصادر بيعه وشرائه، تجعل المعدن الأصفر الأكثر طلبًا محليًا وعالميًا، وفق رصد عنب بلدي لآراء بعض الأشخاص المقبلين على شراء الذهب في مدينة إدلب.

أما أحمد من المعرة، فقد باع مصاغ زوجته منذ ثلاثة أشهر تقريبًا ليشتري منزلًا بقيمته في مدينة ادلب، إلا أنه لم يُوفق بعقار مناسب حتى الآن، ومع ارتفاع أسعار الذهب، أصبحت خسارته مضاعفة. باع أحمد 120 غرامًا عندما كان الغرام بـ 72 دولارًا، حيث شهدت أسواق العقارات أيضًا ارتفاعًا في جميع المحافظات السورية عقب تحريرها، وهنا كانت الصدمة بالنسبة له، فلم يعد بوسعه شراء منزل بالمبلغ المتوفر، ولا يمكنه أيضًا شراء مصاغ بديل بذات القيمة.

كما يشكل ارتفاع الذهب مشكلة كبرى يعاني منها الشباب المقبلون على الزواج، ووفق رصد عنب بلدي، فإن ذوي الدخل المحدود يبحثون عن زيجات تقتصر على خاتم الزواج فقط وفتيات يرضين بذلك، بغض النظر عن العادات والتقاليد الاجتماعية التي تفرض شراء مصاغ أكثر.

ووفقًا لبعض الصاغة، فإن نسبة كبيرة من الشابات يلجأن لشراء الذهب البرازيلي الذي انتشر بشكل كبير خلال سنوات الحرب في سوريا، ولعل السبب الخشية من نظرة المجتمع المحيط والعادات والتقاليد.

اقرأ أيضًا: سوق جديد للذهب في الدانا.. مهم و"ليس من الأولويات"

مشاركة المقال: