تتجه سوريا نحو إصدار أوراق نقدية جديدة بحلول 8 كانون الأول المقبل، وذلك بعد حذف صفرين من العملة الوطنية في خطوة تهدف إلى تعزيز الثقة بالليرة السورية. أفادت وكالة "رويترز" نقلاً عن سبعة مصادر مطلعة ووثائق، يوم الجمعة 22 آب، بأن "المركزي" قد أبلغ البنوك الخاصة بنيته في إصدار عملة جديدة.
وذكر اثنان من المصرفيين، بالإضافة إلى مصدر سوري آخر مطّلع على الأمر، أن سوريا قد اتفقت مع شركة "جوزناك" الروسية، وهي شركة مملوكة للدولة ومتخصصة في طباعة النقود، على طباعة الأوراق النقدية الجديدة. كما نقل موقع "العربي الجديد" عن مصدر مسؤول من مصرف سوريا المركزي، أن الحكومة قد أبرمت عقدًا مع شركة "جوزناك" الروسية لطباعة الأوراق النقدية البديلة. وأوضح المسؤول أن توقيع العقد تم خلال زيارة وفد سوري رفيع المستوى إلى موسكو في أواخر تموز الماضي.
ما هي شركة "جوزناك"؟
شركة "جوزناك" هي مؤسسة حكومية روسية مملوكة بالكامل للحكومة الروسية، وتعتبر من الشركات الرائدة في مجال صك العملة وطباعة الأوراق النقدية. تأسست الشركة في عام 1818 كمؤسسة مخصصة لتخزين الأوراق الحكومية، ثم تحولت إلى شركة مستقلة تحت اسم "جوزناك" في عام 1919. ومنذ نشأتها، تخصصت الشركة في طباعة النقود والسندات الحكومية، بالإضافة إلى إنتاج الطوابع وجوازات السفر والشيكات. وفي 3 آذار 2008، تم تصنيف "جوزناك" كمؤسسة استراتيجية ضمن قطاع الدولة الروسي. وفي خطوة لتوسيع نطاق أعمالها، تحولت الشركة في 5 حزيران 2014 إلى شركة مساهمة مفتوحة. وتعتبر "جوزناك" اليوم من أبرز الشركات التي تتعامل مع عمليات طباعة وتوزيع النقود في العديد من الدول، مما يعزز من مكانتها الدولية في هذا المجال الحيوي.
عقوبات أوروبية
في عام 2022، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركة "جوزناك" الروسية، بتهمة المساهمة في تقويض سيادة أوكرانيا من خلال طباعة جوازات سفر مزيفة ومستندات أخرى في المناطق التي احتلتها القوات الروسية في أوكرانيا. كما أدرجت بريطانيا الشركة على قائمة العقوبات الخاصة بها، متهمة إياها بتهديد استقرار أوكرانيا، وتبعتها سويسرا وهولندا في اتخاذ خطوات مشابهة ضد "جوزناك"، ما جعل الشركة في دائرة الاستهداف الدولي بسبب تورطها في الأنشطة التي تؤثر على أمن أوكرانيا واستقرارها.
أمريكية أيضًا
أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية الشركة في 13 حزيران 2024 ضمن قائمة العقوبات السوداء. وقد تم توجيه الاتهامات إلى الشركة بتقديم الدعم لـمكتب الأمن الفيدرالي الروسي عبر إنتاج منتجات تُستخدم في سياقات أمنية، بالإضافة إلى تورطها في طباعة العملة الليبية المزيفة. وقد اتهمت الشركة بأنها كانت مسؤولة عن طباعة أكثر من مليار دولار من العملة الليبية المزيفة، وهو ما ساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها ليبيا. أدرجت هذه العقوبات ضمن حزمة موسعة استهدفت عددًا من الأفراد والكيانات الروسية المتورطة في أنشطة غير قانونية على المستوى الدولي. وأكدت الولايات المتحدة أن "جوزناك" كانت واحدة من الشركات المتورطة في إنتاج العملات المزورة عالميًا، ما زاد من حدة المشكلات الاقتصادية التي تواجهها ليبيا، مثل ارتفاع التضخم والاختلالات في السوق المالية.
تعاون مع نظام الأسد
شركة "جوزناك" لم تقتصر علاقاتها على الدول الغربية فقط، بل كان لها دور أيضًا في التعاون مع النظام السوري السابق. ففي عام 2014، قامت "جوزناك" بطباعة مئات الملايين من الأوراق النقدية السورية من فئة 1000 ليرة سورية لصالح البنك المركزي السوري. شحنة الأوراق النقدية التي تم استيرادها من قبل الشركة كانت تقدر قيمتها بـ60 تريليون ليرة سورية، بتكلفة إجمالية للطباعة بلغت حوالي 6 ملايين دولار أمريكي، مما يعني أن تكلفة الطباعة كانت تمثل أكثر من 10% من قيمة الشحنة بالعملات الأجنبية، ما يعكس أهمية التعاقدات المالية التي تتم من خلال "جوزناك".