انتهت الجولة الثانية من المفاوضات بين مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في روما، بالاتفاق على عقد مباحثات على مستوى الخبراء، وجولة ثالثة في مسقط بعد أسبوع.
أكدت الخارجية العمانية في بيان أن الاجتماع في روما شهد موافقة الطرفين، بوساطة وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، على الانتقال إلى مرحلة جديدة من المحادثات بهدف التوصل إلى اتفاق عادل ودائم وملزم، يضمن خلو إيران من الأسلحة النووية والعقوبات، مع الحفاظ على قدرتها في تطوير الطاقة النووية السلمية.
شدد البيان على أهمية الحوار والتواصل الواضح لتحقيق اتفاق وفهم متبادل يخدم مصالح جميع الأطراف إقليمياً ودولياً، وأشار إلى أن الجولة المقبلة ستُعقد في مسقط خلال الأيام القليلة المقبلة.
أعرب البوسعيدي عن شكره لويتكوف وعراقجي على تعاونهما البناء، مؤكداً أن المفاوضات تحقق تقدماً ملحوظاً وأن ما كان مستحيلاً في السابق أصبح الآن أقرب إلى التحقق.
تفاهم أفضل
أكد وزير الخارجية الإيراني للتلفزيون الرسمي أن المحادثات تتقدم في الاتجاه الصحيح، مشيراً إلى التوصل إلى تفاهم بشأن عقد جلسات فنية على مستوى الخبراء في سلطنة عمان، يليها اجتماع لكبار المفاوضين يوم السبت المقبل.
وأضاف عراقجي أن الجلسة المثمرة التي استمرت نحو 4 ساعات، أسفرت عن تفاهم أفضل حول مجموعة من المبادئ والأهداف، والاتفاق على استئناف المحادثات والانتقال إلى المرحلة التالية، حيث ستبدأ الجلسات الفنية في عُمان يوم الأربعاء.
أوضح عراقجي أن الخبراء سيناقشون التفاصيل ويضعون إطاراً للتوافق، ثم يلتقي مع ويتكوف يوم السبت المقبل في عمان لمراجعة نتائج عمل الخبراء وتقييم مدى التقدم في تحقيق المبادئ الأساسية للاتفاق.

بين التفاؤل والتشاؤم
تحفظ عراقجي على التسريبات الإعلامية بشأن المفاوضات، ودعا إلى عدم الانشغال بالتكهنات وتركهم يواصلون المسار في إطار عقلاني حتى يتمكنوا من الوصول إلى نتيجة، مؤكداً أن المفاوضات من مهام وزارة الخارجية، ولا ينبغي أن تحدث أي ضجة أو توتر في المجتمع.
أشار عراقجي إلى تصريحات سابقة للمرشد الإيراني قائلاً: "لا يوجد سبب للتشاؤم أو التفاؤل المفرطين، ويجب أن نسير في هذا المسار بشكل متوازن وعقلاني"، معرباً عن أمله في أن يكونوا في وضع أفضل الأسبوع المقبل بعد المحادثات الفنية، لكنهم ما زالوا يتعاملون بحذر في تقييم إمكانية التوصل إلى تفاهم.
أكد عراقجي أنه لا يوجد أي موضوع قابل للمفاوضة سوى بناء الثقة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات، مضيفاً أن الأميركيين التزموا بهذا المبدأ حتى الآن، لكنهم ما زالوا يتعاملون بحذر.
في تصريح لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» قال عراقجي إن الأميركيين لم يثيروا حتى الآن أي نقاش خارج إطار الملف النووي، مؤكداً أن مفاوضاتهم تقتصر بشكل حصري على القضية النووية ولن يقبلوا التطرق إلى أي موضوع آخر.
|| أكد متحدث باسم وزارة الخارجية العمانية بأن اجتماعات اليوم في روما، بين معالي وزير خارجية إيران الدكتور سيّد عباس عراقجي، والمبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف، من خلال معالي السيد وزير خارجية سلطنة عُمان،
— وزارة الخارجية (@FMofOman)
لقاء في سفارة عمان
عرض التلفزيون الرسمي لقطات تُظهر مغادرة الوفد الإيراني مقر السفارة العُمانية، حيث جرت المفاوضات غير المباشرة برعاية وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي.
نفى التلفزيون الرسمي الإيراني تعثراً «مؤقتاً»، وذلك بعدما ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن عراقجي «أوقف المفاوضات لمدة 15 دقيقة؛ بسبب طرح الطرف الأميركي قضايا غير نووية، وأعلن أن استئناف المحادثات مشروط بالتركيز على القضايا النووية فقط».
جاء ذلك، بعدما طالبت طهران الوفد الأميركي بـ«تجنب طرح مطالب غير واقعية وغير معقولة تحت تأثير إسرائيل».
نفى مصدر مطلع في تصريح للتلفزيون الرسمي صحة الأنباء التي أوردتها وسائل إعلامية بشأن تعليق المفاوضات لمدة 15 دقيقة، ووصف التقارير بـ«الزائفة».
رغم نفي التوقف، فإن صحافيين مرافقين للوفد الإيراني أكدوا صحة التوقف، لكنهم قالوا إن الوفد الإيراني طلب «التوقف من أجل الصلاة».
أعلن مسؤولون من كلا الجانبين، الأميركي والإيراني، بدء الجولة الثانية من المحادثات بين المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والوفد الإيراني برئاسة عراقجي، بشأن البرنامج النووي الإيراني، السبت، في روما.
أثناء المحادثات، ظهر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مرتين على شاشة التلفزيون الرسمي، وقال بقائي: «إن المفاوضات بدأت نحو الساعة 12 بتوقيت روما، في مقر إقامة السفير العُماني».
أشار إلى لقاء عراقجي ونظيره الإيطالي أنطونيو تاياني قائلاً إن «إيطاليا أعربت عن تقديرها لهذه الفرصة، كما عبَّر الجانب الإيطالي عن امتنانه لاستضافتها».
أوضح أن «سير إجراءات المفاوضات مماثل للجولة الأولى، حيث يجلس الوفدان في قاعتين منفصلتين، ويتنقل وزير الخارجية العُماني بين الوفدين، وقبل بدء المفاوضات، أجرينا محادثات مع الوزير العُماني. تُدار المفاوضات بالكامل من قبل عُمان كما كانت الحال في الجولة السابقة».
قال بقائي: «على وسائل الإعلام عدم الترويج للأخبار الزائفة بشأن المفاوضات، ومتابعة الأخبار الدقيقة عبر وزارة الخارجية».
أضاف: «الأخبار الكاذبة جزء من محاولات خلق التشويش حول المفاوضات. تركيزنا ينصب على تحقيق مصالح إيران دون الالتفات إلى هذه الجوانب الهامشية».
أفاد الإعلام الرسمي، نقلاً عن بقائي بعد وصول الوفد الإيراني إلى روما، «في ظل التصريحات المتناقضة التي صدرت عن عدد من المسؤولين الأميركيين خلال الأيام القليلة الماضية، نتوقَّع من الجانب الأميركي أن يقدِّم في المرحلة الأولى توضيحاً يزيل الغموض الخطير الذي أُثير حول نيّته وجديته».
أضاف: «إن مواقف ومطالب الجمهورية الإسلامية، سواء فيما يخصُّ رفع العقوبات غير القانونية أو الملف النووي، واضحة تماماً، وقد تم إبلاغ الطرف المقابل بها خلال الجولة الأولى من المفاوضات».
تابع بقائي: «إن العودة إلى الأساليب السابقة لن تفضي إلى نتيجة، ولا يمكن تحقيق أي تقدم فعلي ما لم يتعامل الطرف الآخر بواقعية، ويتجنب طرح مطالب غير واقعية وغير معقولة تحت تأثير إسرائيل».
في وقت سابق، أوضح مسؤول أميركي، فضَّل عدم ذكر اسمه، أن المحادثات تتم في السفارة العُمانية بحي كاميلوتشيا، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».
أجرى عراقجي مشاورات مع نظيره العماني قبيل انطلاق المحادثات. وكان الوزير الإيراني قد أجرى مشاورات مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني.

باشر ويتكوف وعراقجي المحادثات بشأن ملف إيران النووي الذي يثير التوتر بين طهران وبلدان غربية، في عُمان يوم 12 أبريل (نيسان). وقد تُحدِّد قدرة الرجلين على إيجاد أرضية مشتركة في هذه المفاوضات عالية المخاطر مصير المحادثات.
وصل كلاهما إلى مقر السفارة العمانية بروما في وقت متأخر من صباح السبت. وتُعدّ هذه المحادثات لحظةً تاريخيةً في سياق العداء المستمر بين البلدين منذ ثورة 1979، وأزمة رهائن السفارة الأميركية.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد انسحب في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني، مما أدى إلى سنوات من الهجمات والمفاوضات التي فشلت في استعادة الاتفاق الذي كان قد حدّ من تخصيب إيران لليورانيوم مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
تكمن المخاطر في إمكانية حدوث هجوم عسكري أميركي أو إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، أو في قيام إيران بتنفيذ تهديداتها بالسعي للحصول على سلاح نووي.
في الوقت نفسه، تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط بسبب الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، بالإضافة إلى الغارات الجوية الأميركية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، مما أسفر عن مقتل العشرات.
قال ترمب، الجمعة: «أنا مع منع إيران، ببساطة شديدة، من الحصول على سلاح نووي. أريد أن تكون إيران عظيمة ومزدهرة ورائعة».
كتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، السبت، على منصة «إكس»: «إيران دائماً ما أظهرت بحسن نية وإحساس بالمسؤولية التزامها بالدبلوماسية بوصفها وسيلة حضارية لحل المشكلات».
أضاف بقائي: «نحن ندرك أن الطريق ليس سهلاً، ولكننا نخطو كل خطوة بعينين مفتوحتين، مستفيدين من التجارب السابقة».
في وقت لاحق من صباح السبت، التقى عراقجي بوزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قبل المحادثات «غير المباشرة» مع ويتكوف.
سافر كل من عراقجي وويتكوف قبيل المحادثات. وكان ويتكوف في باريس لإجراء محادثات حول أوكرانيا وإيران، في حين وصل عراقجي من طهران بعد زيارة إلى موسكو، حيث التقى بمسؤولين روس، بمن في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين.
قد تشارك روسيا، عضو القوى العالمية الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بشكل رئيسي في أي اتفاق مستقبلي بين طهران وواشنطن. يشير المحللون إلى أن موسكو قد تتولى مهمة نقل اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 60 في المائة، وهو مستوى قريب من نسبة 90 في المائة المطلوبة لإنتاج السلاح.
وصل وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي توسط في الجولة الأولى من المحادثات، أيضاً إلى روما، الجمعة، والتقى بنظيره الإيطالي. وقال بقائي إن البوسعيدي سيتوسط مجدداً بين البلدين.
تُعد سلطنة عمان، الواقعة على الحافة الشرقية لشبه الجزيرة العربية، لاعباً طويل الأمد في الوساطة بين إيران والغرب. كانت مسقط قد استضافت الجولة الأولى من المفاوضات بين عراقجي وويتكوف في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
إيران تسعى إلى اتفاق استقرار اقتصادي
لا تزال الاحتجاجات في إيران متصاعدة نتيجة السخط الشعبي من الغلاء المعيشي، في حين أن هناك شائعات عن احتمال رفع تكلفة البنزين المدعوم في البلاد، مما قد يؤدي إلى اندلاع احتجاجات جديدة.
من ناحية أخرى، شهدت العملة الإيرانية (الريال) انخفاضاً حاداً؛ إذ تجاوزت حاجز المليون مقابل الدولار الأميركي في وقت سابق من الشهر، لكنها تحسنت جزئياً مع بدء المحادثات، وهو ما تأمل طهران استمراره.
في تطور آخر، وصلت طائرتان من طراز «إيرباص A330 – 200»، واللتان طالما سعت إليهما شركة «إيران للطيران»، إلى طهران، الخميس. كانت الطائرتان تابعتين سابقاً لشركة «هاينان» الصينية، وتمت إعادة تسجيلهما لإيران.
تتطلب الصفقة موافقة وزارة الخزانة الأميركية نظراً للعقوبات المفروضة على إيران، ولم ترد أي تعليقات بعدُ من واشنطن. وبموجب اتفاق عام 2015، يمكن لإيران شراء طائرات جديدة، وقد أبرمت صفقات كبيرة مع «إيرباص» و«بوينغ»، لكن تلك الصفقات تأثرت بعد تهديدات ترمب بإلغاء الاتفاق النووي.