في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها السويداء، تتصاعد المطالبات الشعبية بفتح معبر حدودي مع الأردن، نظراً لأهميته الاستراتيجية في النقل والتجارة وإحياء طريق الحج القديم. يرى مسؤولون أن هذه الخطوة ستعزز الاقتصاد المحلي وتنشط التبادل التجاري مع دول الخليج، لكن تساؤلات كثيرة تُطرح حول جدية التحركات لتنفيذ هذا المشروع.
المخططات والتمويل:
يبقى المشروع معلقاً بين الآمال الشعبية والاعتبارات السياسية، مع وجود مؤشرات على معوقات تتعلق بصنع القرار والمخاوف من تأثير فتح المعبر على التوازنات الداخلية. نجيب أبو فخر، رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري في الجنوب، يوضح أن معبر السويداء-الأردن مر بثلاث مراحل: الأولى بدأت باتفاق رسمي عام 1998 ضمن اتفاقية النقل العربي، التي نصت على إنشاء شبكة طرق شحن عربية، بما في ذلك طريق دولي يمر عبر السويداء ويتجه نحو الأردن والخليج. ويشير إلى أن التنفيذ تأخر بسبب المخططات والتمويل، ورغم التزام سوريا بإنشاء الطرق بتمويل من صندوق التنمية العربي، واجه المشروع عراقيل. شركة تابعة لـ ذو الهمة شاليش، بدأت بشق الطرق ثم توقفت بحجة انتظار استملاك الأراضي، مما أدى إلى توقف المشروع قبل الوصول إلى المعبر بأربعة كيلومترات بسبب الفساد.
المرحلة الثانية بدأت بعد عام 2011، حيث سعى أهالي السويداء لتأمين منفذ تحسباً لانقطاع الإمدادات. تم التنسيق مع مشايخ العقل والتوجه إلى الأردن لبحث فتح المعبر كمطلب شعبي. الجانب الأردني طلب خرائط مقترحة وتم الاتفاق على أن ينطلق المعبر من بلدة العانات، وتم تقديم دراسة جدوى اقتصادية متكاملة من جانب أهل السويداء. الأردن راسل النظام السوري للحصول على موافقة رسمية قبل قطع العلاقات، وبعد توقف العلاقات الرسمية، وافق الأردن ضمنياً بشرط الحصول على موافقة شفهية من النظام عبر مشايخ العقل، لكن المشروع بقي معلقاً.
في عام 2015، عُقد اجتماع ضم الشيخ موفق طريف ووفداً من المجالس المحلية في إسرائيل لتعزيز موقف دروز سوريا، بحضور جهات أردنية رفيعة المستوى، وتم تقديم الملف مرة أخرى مع وعود جادة بالتعامل مع الموضوع.
خلافات داخلية:
السويداء استفادت من العبور غير الرسمي لبعض المواد الإغاثية خلال الفترة 2015-2017 تحت إشراف أردني، وبعد انهيار النظام السوري أتيحت فرصة لجعل المعبر أمراً واقعاً، وتم إدخال مواد أساسية عبره لمرة واحدة، ثم أُدخلت شحنة أخرى قبل أن يغلق مجدداً بسبب خلافات داخلية سورية حول الترتيبات الإدارية.
المرحلة الثالثة جاءت بعد "تحرير سوريا"، حيث أصبح فتح المعبر مطلباً رسمياً للدولة السورية المقبلة، بغض النظر عن هوية الحاكم، مع إعطاء الأولوية لمعالجة ملف البادية السورية واستجرار مياه الفرات لإحياء وديانها. المعبر مع الأردن يمثل شرياناً حيوياً للسويداء وسوريا، لاختصار المسافة وتسهيل حركة 300 ألف مواطن من أبناء السويداء العاملين في دول الخليج، وتنشيط التجارة وتحسين الوضع الاقتصادي وإحياء مناطق البادية.
انفصال السويداء:
يرى البعض أن السلطة كانت تخشى من أن فتح المعبر قد يمهد لانفصال دروز السويداء، مما أدى إلى تعطيل المشروع. الدكتور جمال الشوفي يوضح أن أغلب المدن السورية تمتلك منافذ مع دول الجوار، بينما ترتبط السويداء ودرعا بمعبر نصيب مع الأردن. ويشير إلى معاناة أهالي السويداء أمنياً خلال الأزمة، ما أفرز مطالب شعبية لإحياء المعبر بما يعيد تشابك علاقات الحكومات عبر اتفاقيات دولية. الأهمية الاقتصادية للمعبر تتمثل في تسهيل نقل البضائع، وإمكانية إنشاء مشاريع استثمارية وخدمية على امتداد الطريق، وإعادة إحياء طريق الحج القديم الذي يربط السويداء بالأردن والخليج. الطريق الذي يمر من المنطقة الجنوبية عبر السويداء يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة للتبادل التجاري.