مع كل منعطف خطير تمر به سورية، يحاول أحمد رفعت يوسف التروي قبل الكتابة، تفادياً للتأثر بمشاعر الألم والغضب والحزن. وبعد الأحداث التي شهدتها السويداء، يطرح تساؤلات حول النتائج، وهي نفس التساؤلات التي طرحت عند وقوع مجازر الساحل، وأحداث جرمانا وصحنايا، وتفجير الكنيسة، وكل حادثة قتل أو خطف أو سبي في أي مكان في سورية.
هل سورية أفضل بعد هذه الأحداث؟ بالتأكيد لا، فالوضع أصبح أصعب وأخطر. وهل الوحدة الوطنية أفضل؟ بالتأكيد لا، فقد ازدادت تمزقاً وتشرذماً وخوفاً من الآخر، الشريك في الوطن. وهل تحسنت صورتنا في الخارج؟ بالتأكيد لا، فقد تشوهت أكثر، وأصبحنا في نظر العالم طوائف وقبائل متوحشة ومتعصبة ومتناحرة، مع أن هذه الصورة خادعة، فالشعب السوري بمعظمه شعب حضاري.
لقد رأينا كيف يحاول الأعداء والطامعون بأراضينا والمتربصون بنا الدخول من الثغرات والانقسام لزيادة تمزيق مجتمعنا ووحدته، ولتحقيق مصالحهم على حساب بلدنا وشعبنا. ورأينا كيف تبخرت الآمال التي بنيت على إمكانية خروج سورية من القوقعة التي وجدت نفسها فيها منذ أكثر من عقدين. وكيف نصب الغرب والشرق والأعداء ومدعو صداقتنا أنفسهم رعاة وأولياء الأمر لمن بيدهم اليوم السلطة والقرار في أقدم عاصمة في التاريخ، وهذا يزعجنا ويشعرنا بالإهانة والغضب.
يوجه الكاتب أسئلة بريئة لمن بيدهم السلطة والقرار اليوم: هل يصعب تعيين شخصية من أهل السويداء، ممن يتمتعون بالسمعة الحسنة والسيرة الطيبة، وتحظى بثقة أهل السويداء، في منصب المحافظ؟ وهل يصعب تعيين قائد لشرطة السويداء من أحد الضباط الشرفاء من أهل السويداء، أو من أهلنا من العشائر البدوية في المنطقة، إن وجد؟ وهل يصعب استدعاء عناصر من شباب المحافظة، ممن كانوا في الخدمة العسكرية والشرطة، وضمهم إلى الأمن العام، وجعل خدمتهم في السويداء، إلى جانب العناصر الآخرين من الأمن العام؟
وماذا لو تم القيام بمثل هذه الخطوات في حمص، وطرطوس، واللاذقية، والحسكة، وحلب، وفي كل المحافظات السورية؟ هل هذا مخالف للقانون والدستور والقيم الأخلاقية والوطنية، أم متوافق معها؟
إن هذه الخطوات السهلة والممكنة، وهي أساساً من حق الكوادر الوطنية والمجتمعات المحلية، وتحترم التنوع السوري، تخفف من الخلل الكبير الموجود اليوم في مؤسسات الدولة ومناصبها العليا، وهي كفيلة لوحدها بحل أكثر من سبعين بالمئة مما نعاني منه اليوم، وتزيد الثقة بين السلطة والشعب، وتقوي الوحدة الوطنية، وتهدئ من روع الخائفين والقلقين، والذين يشكلون اليوم أكثر من ثمانين بالمئة من المجتمع السوري. يختتم الكاتب بأنه يستطيع أن يتحدث كثيراً، لكنه سيكتفي بذلك، لأنه لا يريد أن يفتح الجروح الكثيرة والمؤلمة، وإنما بلمستها.