بينما لا تزال النصائح الغذائية تحذر من تناول البيض بسبب محتواه العالي من الكوليسترول، تشير دراسة حديثة إلى أن الدهون المشبعة تلعب دورًا أكبر في رفع مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL).
نشرت مجلة “The American Journal of Clinical Nutrition” في 22 تموز الحالي دراسة مسجلة في المكتبة الوطنية الأمريكية للطب (PubMed)، هدفت إلى تقييم تأثير كل من الكوليسترول الغذائي والدهون المشبعة على مستوى “LDL” من خلال تجربة سريرية دقيقة شملت بالغين أصحاء بمستويات كوليسترول طبيعية.
أوضح الباحث الرئيسي في الدراسة، البروفيسور جون باكلي من جامعة جنوب أستراليا، في بيان صحفي نقلته وكالة “يو بي آي” للأنباء: "لقد قدمنا دليلًا يدعم تناول البيض. عند الحديث عن وجبة الإفطار، يجب ألا نقلق بشأن البيض، بل بشأن الإضافات مثل شرائح اللحم أو النقانق، فهي التي تؤثر سلبًا على صحة القلب". وأضاف باكلي أن البيض يتميز بكونه غنيًا بالكوليسترول ولكنه منخفض الدهون المشبعة.
بيضتان يوميًا.. ولكن دون دهون مشبعة
شارك في الدراسة 61 بالغًا بمتوسط عمر 39 عامًا، اتبعوا ثلاثة أنظمة غذائية مختلفة لمدة خمسة أسابيع لكل نظام، مع الحفاظ على نفس السعرات الحرارية في جميع الوجبات. تضمن النظام الأول تناول بيضتين يوميًا، مما يزيد كمية الكوليسترول الغذائي إلى 600 ملغ، مع تقليل الدهون المشبعة إلى 6% فقط من إجمالي الطاقة. أما النظام الثاني، فقد استبعد البيض تمامًا، وخفض الكوليسترول الغذائي إلى 300 ملغ، لكنه زاد من الدهون المشبعة إلى 12%. النظام الثالث، وهو نظام ضابط للمقارنة، جمع بين ارتفاع الكوليسترول والدهون المشبعة، وسمح بتناول بيضة واحدة فقط أسبوعيًا.
أظهرت النتائج أن النظام الذي شمل تناول بيضتين يوميًا مع تقليل الدهون المشبعة أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات “LDL” مقارنة بالنظام الضابط. بينما لم يُظهر النظام الثاني، الذي استبعد البيض ولكنه احتوى على نسبة عالية من الدهون المشبعة، أي فرق كبير في مستويات الكوليسترول.
الدهون المتهم الأبرز
كشف تحليل البيانات عن وجود علاقة مباشرة بين كمية الدهون المشبعة المستهلكة وارتفاع مستويات “LDL”، بينما لم يرتبط الكوليسترول الغذائي بارتفاع مماثل. وعلى الرغم من أن تناول البيض ساعد في خفض “LDL” الإجمالي، فقد أظهر أيضًا ارتفاعًا في الجزيئات الصغيرة من الكوليسترول الضار، والتي تعتبر أكثر قدرة على التغلغل في جدران الشرايين وتشكيل اللويحات.
يرى معدّو الدراسة أن السياسات الغذائية العامة يجب أن تركز على تقليل استهلاك الدهون المشبعة (الموجودة في اللحوم الدهنية والزبدة والأطعمة المصنعة) بدلاً من تقليل تناول البيض.
مراجعة للمفاهيم الغذائية القديمة
لطالما ارتبط البيض بالكوليسترول في الخطاب الصحي واعتبر من مسببات أمراض القلب، ولكن هذه الدراسة تضاف إلى الأدلة المتزايدة التي تشير إلى أن الكوليسترول الغذائي وحده لا يكفي لزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، طالما يتم استهلاكه ضمن نظام غذائي متوازن ومنخفض الدهون المشبعة. تتفق هذه النتائج مع المراجعات العلمية السابقة التي دعت إلى إعادة النظر في الإرشادات الغذائية العامة التي كانت تحد من استهلاك البيض دون النظر إلى السياق الغذائي الكامل للفرد.