في ظل الغلاء المعيشي المتصاعد والركود الاقتصادي، تشهد مدينة حلب أزمة سكن خانقة، فاقمها الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات، حتى بات العثور على منزل أمراً شبه مستحيل، خصوصاً للعائلات متوسطة ومحدودة الدخل.
فقد وصل إيجار المنزل العادي في بعض أحياء المدينة إلى أكثر من 500 دولار شهرياً، بينما تجاوزت الأسعار في الأحياء الغربية مثل الشهباء الجديدة وجمعية الزهراء والفرقان حاجز الـ1000 دولار شهرياً، والأسوأ من ذلك أن معظم أصحاب العقارات باتوا يشترطون الدفع السنوي المسبق، ما يجعل تأمين مسكن حلماً بعيد المنال لكثير من العائلات.
تقول سارة (40 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال: “صرنا نحس حالنا عم ندوّر على كنز، مو على بيت. عم نترجى أصحاب البيوت يخفضوا السعر، وبيقولوا: يا بتدفعي سنة كاملة، يا دوري على غيرنا”.
أما أبو محمد، موظف حكومي متقاعد، يقول: “رحت استأجر بيت صغير بغرفتين، طلب صاحبه 900 دولار بالشهر، ودفع سنة كاملة مقدّماً! يعني لازم يكون معي فوق العشرة آلاف دولار، وأنا ما معي آكل! وين بدنا نروح؟”.
مع تفاقم الأزمة، أطلق ناشطون ومواطنون في حلب حملة إلكترونية عبر وسوم، بهدف تسليط الضوء على حجم الكارثة الاجتماعية والمعيشية التي تسبب بها هذا الارتفاع الجنوني في الإيجارات، وطالب المشاركون بسن قانون عادل ينظّم العلاقة بين المؤجِّر والمستأجِر، ويمنع الاستغلال، ويوفر الحماية للأسر ذات الدخل المحدود.
ورغم التفاعل الشعبي الواسع مع الحملة، لم تُسجّل حتى الآن أي استجابة رسمية من محافظة حلب أو وزارة الإدارة المحلية، ما يزيد من شعور المواطنين بالتهميش والإحباط.
يقول كمال، أحد سكان حي صلاح الدين: إن “البيوت تحوّلت إلى تجارة سوداء. للأسف، لا أحد يضع حداً لهذا الاستغلال، نحن لا نطالب بمساعدات، بل بقانون عادل يُطبّق على الجميع ويحمي الناس من الطمع”.
يرى ناشطون أن أزمة الإيجارات في حلب تستدعي تحركاً فورياً من السلطات المعنية، سواء عبر سن تشريعات تحدد سقفاً للإيجارات، أو من خلال إطلاق مبادرات سكنية تساهم في توفير مساكن بأسعار مناسبة.
وفي انتظار تحرك رسمي حاسم، تبقى آلاف العائلات في حلب رهينة لهذه الأزمة المتفاقمة، في ظل صمت حكومي يثير القلق.