الجمعة, 11 يوليو 2025 10:57 AM

بعد سنوات من النزوح: قافلة "جسور العودة" تعيد 130 عائلة سورية إلى ريف دمشق

بعد سنوات من النزوح: قافلة "جسور العودة" تعيد 130 عائلة سورية إلى ريف دمشق

في خطوة إنسانية هي الأولى من نوعها بهذا الحجم منذ سنوات، انطلقت فجر الخميس الموافق 10 يوليو/تموز 2025، قافلة إنسانية كبيرة تحت اسم "جسور العودة" من مدينة عفرين شمالي سوريا متجهة نحو ريف دمشق الشرقي. تهدف هذه القافلة إلى إعادة عشرات العائلات المهجرة قسرًا إلى بلداتها الأصلية، بعد معاناة طويلة في مناطق النزوح.

وفقًا لتصريح خاص لمنصة "سوريا 24" من منسق الحملة أحمد الأحمد، غادرت القافلة عند الساعة السادسة صباحًا، ومن المتوقع أن تصل إلى ريف دمشق بين الساعة الثالثة والنصف والخامسة عصرًا. ستتوزع العائلات على ثلاث وجهات أساسية هي: عين ترما، كفربطنا، وجسرين. وأضاف الأحمد أن القافلة تشمل نحو 130 عائلة، وأن عدد الآليات المستخدمة بلغ نحو 65 شاحنة (أنتر)، خُصّصت كل واحدة منها لنقل عائلتين، لضمان راحة التنقل وسلامة الأمتعة.

استقبال حافل في جسرين

تزامنًا مع وصول القافلة، أُقيم احتفال استقبال رسمي وشعبي في بلدة جسرين، التي كانت إحدى البلدات المتضررة بشدة خلال سنوات النزاع. صرح أنس درويش، رئيس بلدية جسرين، في تصريح خاص لـ"سوريا 24"، بأن هذه المبادرة تمثل "بداية أمل حقيقية، وفرصة جديدة للعائلات للعودة إلى منازلها وإعادة بناء حياتها بعد سنوات من الغربة والشتات".

يُشار إلى أن هذه المبادرة جرى تنظيمها وتمويلها بشكل مشترك بين منظمة "ملهم" التطوعية وعدد من المبادرات المجتمعية المحلية، حيث تم تأمين وسائل النقل المناسبة من "بولمانات وفانات" بحسب الحاجة، لضمان نقل العائلات وأمتعتهم بشكل آمن.

عودة تتجاوز النقل اللوجستي

لا تقتصر حملة "جسور العودة" على مجرد إعادة الأفراد وأمتعتهم، بل تتعدى ذلك إلى رمزية كبيرة في سياق السعي لإعادة اللحمة المجتمعية وإنهاء فصل طويل من التهجير القسري. فقد فقد كثير من أهالي ريف دمشق منازلهم بسبب العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة في سنوات الحرب، واضطروا إلى الانتقال إلى الشمال السوري، حيث عاشوا في ظروف قاسية.

أكد منسق الحملة أن ما يُميز هذه المبادرة هو أنها نابعة من رغبة الأهالي أنفسهم في العودة، ومبنية على دعم مباشر من المجتمع المدني الذي تحمّل مسؤولية إعادة الروابط إلى ما كانت عليه.

شهادة من قلب العودة: "رجعت على بيتي يلي ما فارقني لحظة بخيالي"

وسط الزغاريد والدموع، وقفت أم نور الدين الشامي تراقب شاحنة الأمتعة وهي تُفرغ من منزلها الحالي في عفرين، انطلاقًا إلى بلدة جسرين، بعد سنوات طويلة من النزوح في الشمال السوري. لم تتمالك دموعها وهي تصف مشاعرها لـ"سوريا 24": "طلعنا من بلدنا مكرهين، وكل يوم بالغربة كان يمرّ متل السنة. كنت نام وأنا عم شوف حيطان بيتي بحلمي… اليوم لح ارجع على بيتي يلي ما فارقني لحظة بخيالي. صحيح ما في كهربا ولا مي، بس في أمان، وفي ريحة عمر كامل تركناه هون".

وأضافت: "أكتر شي كنت خايفة عليه هو ولادي… كبروا بالغربة، عاشوا القصف والنزوح، واليوم رجعوا يمشوا ع تراب بلدهم. ما بدي شي من الدنيا غير نعيش بكرامتنا". كلماتها حملت وجع السنوات الماضية، لكنها كانت أيضًا رسالة أمل لكثير من العائلات التي ما تزال تنتظر الفرصة للعودة إلى منازلها، مؤكدة أن "العودة مو بس قرار.. العودة حلم، واليوم صار حقيقة".

في انتظار مبادرات مشابهة

مع وصول العائلات إلى منازلها في ريف دمشق، ترتفع آمال كثير من المهجرين الآخرين بإمكانية تنظيم حملات مشابهة في المستقبل. إذ ترى منظمات المجتمع المدني أن "العودة الطوعية والآمنة" ممكنة حين تتوفر الضمانات اللوجستية والدعم المحلي، بعيدًا عن أي ضغوط سياسية أو أمنية.

من المتوقع أن تعمل المنظمات المشرفة على المبادرة على تقييم المرحلة الأولى من هذه الحملة، تمهيدًا لتوسيعها لاحقًا لتشمل مناطق ومجموعات أخرى.

مشاركة المقال: