الأحد, 29 يونيو 2025 12:52 PM

تدهور الثروة الحيوانية في سوريا: تهديد للأمن الغذائي واقتصاد البلاد.. هل من سبيل للإصلاح؟

مرة أخرى، يثار موضوع تراجع الثروة الحيوانية في سوريا، مع التركيز على أسبابه والحلول الممكنة لمعالجة هذا النقص. يعتبر هذا القطاع أساسياً في النظام الغذائي للمواطن السوري، حيث يساهم في الحد من الفقر، وتوفير الأمن الغذائي، ودعم التنمية الزراعية.

وفقاً للباحث عبد الرحمن قرنقلة، تساهم الثروة الحيوانية بأكثر من ٤٠٪ من إجمالي الناتج الزراعي المحلي. وقد تتجاوز هذه النسبة ٥٥٪ إذا أخذنا في الاعتبار المساهمات غير النقدية مثل السماد البلدي، النقل، وفلاحة الأراضي. ويشير قرنقلة إلى أن آلاف الأسر السورية تعتمد على الثروة الحيوانية كمصدر للدخل والغذاء، وكمصدر للثروة وشبكة أمان عند الحاجة، وغالباً ما تكون السبيل الوحيد لتحويل الموارد الطبيعية إلى غذاء وألياف وقوة عمل للمجتمعات الريفية والمحلية.

على مر العقود، اشتهرت سوريا بسلالات ثروتها الحيوانية المتميزة، مثل الأبقار الشامية (المهددة بالانقراض)، والماعز الشامي، وأغنام العواس، التي تسعى دول متعددة للحصول عليها لتحسين إنتاجية سلالاتها المحلية.

قرنقلة: أسباب عديدة في مقدمتها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وندرتها والتهريب وغياب الدعم الحكومي

حتى عام ٢٠١١، كانت سوريا تمتلك ثروة حيوانية مهمة ومتنوعة، ساهمت في تلبية احتياجات المواطنين من البروتين الحيواني والطاقة، ودعمت الاقتصاد الوطني بالقطع الأجنبي من خلال صادرات الأغنام ومنتجاتها ومنتجات الدواجن، فضلاً عن دورها في تحريك قطاعات اقتصادية متعددة، وتوفير فرص عمل للعاملين في مرافق الإنتاج المباشرة أو سلاسل القيمة لمنتجات الثروة الحيوانية ومدخلات إنتاجها.

مع اندلاع الحرب التي شنها النظام البائد على الشعب السوري، والتي تركزت معظم أعمالها في الريف السوري والبادية، حيث تربى الثروة الحيوانية، بدأت تتشكل أسباب أدت إلى تراجع أعداد الأبقار والأغنام والماعز، وتدهورت بنية قطاع الدواجن وفقدان أعداد كبيرة من خلايا النحل.

تداعيات الصراع المسلح كانت من أبرز أسباب تدهور أعداد الثروة الحيوانية، وأدت إلى فقدان حوالي ٥٥٪ من الثروة الغنمية، وحوالي ٤٠٪ من الثروة البقرية، وما يقارب ٦٠٪ من طاقة قطاع الدواجن، و٨٥٪ من خلايا النحل. وتركزت الأسباب الرئيسة حول ارتفاع قيمة مستلزمات الإنتاج وندرتها وصعوبة الحصول عليها، حيث أدى تراجع قيمة العملة المحلية إلى تضخم أسعار المبيع للمربين وعجزهم عن الشراء، ما دفع الكثيرين منهم إلى بيع قطيعه جزئياً أو كلياً. أيضاً أدى غياب الأوضاع الأمنية إلى تهريب أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية السورية إلى الأسواق المجاورة بطرق غير شرعية. يضاف إلى ذلك ذبح إناث القطعان، بسبب غياب الرقابة الحكومية، وتدهور إنتاجية المراعي الطبيعية وصعوبة الوصول إليها بسبب حواجز النظام البائد الأمنية.

وفق رؤية الباحث قرنقلة، أسهم الجفاف الذي اجتاح المنطقة العربية وسوريا بشكل خاص، في ندرة الأعلاف المحلية وتراجع إنتاجية المراعي الطبيعية، ما ساهم بخفض معدلات نمو القطعان المختلفة.

أشار قرنقلة إلى عامل رئيسي آخر، وهو غياب الدعم الحكومي، حيث أدى انحسار الدعم الحكومي لمربي الأبقار والأغنام والدواجن إلى زيادة الأعباء عليهم، ما أفقدهم القدرة على الصمود والاستمرار بالعمل، إضافة إلى انتشار الأمراض الحيوانية وصعوبة الحصول على الأدوية واللقاحات البيطرية، ورفع معدلات نفوق الحيوانات.

يؤكد الباحث قرنقلة أنه لا بد من العمل على أربعة محاور مهمة للحد من خسارة هذه الثروة التي تسهم في تأمين الأمن الغذائي بنسبة كبيرة، أولها توفير الأعلاف بأسعار مقبولة للمربين، وتنمية زراعة الأعلاف الخضراء، وتطوير مصادر الأعلاف غير التقليدية. ثانياً، مكافحة تهريب الحيوانات، وتشديد العقوبات على من يقوم بهذه الأعمال، باعتبارها تهدد الأمن الغذائي للمواطنين. ثالثاً، العمل على إعادة تأهيل المراعي الطبيعية المتدهورة، وزراعة مراعٍ جديدة، وتطوير أساليب إدارة المراعي. رابعاً، تبني استراتيجيات قطاعية لتنمية أنواع الثروة الحيوانية، مع اقتراح إحداث وزارة متخصصة بالثروة الحيوانية وإدارة المراعي الطبيعية، وإحداث قناة تلفزيونية إرشادية زراعية وتوسيع دور الإعلام المحلي في تناول قضايا القطاع الزراعي.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: