الثلاثاء, 24 يونيو 2025 11:15 AM

الرقة: المسجد العتيق مهدد بالاندثار.. إهمال وتلوث يطالان صرحاً تاريخياً

الرقة: المسجد العتيق مهدد بالاندثار.. إهمال وتلوث يطالان صرحاً تاريخياً

يشهد المسجد العتيق في مدينة الرقة، المعروف بالجامع المنصوري نسبة إلى الخليفة العباسي المنصور الذي أسسه في القرن الثامن الميلادي، تدهوراً خطيراً نتيجة للإهمال المتزايد وتراكم النفايات حوله. هذا الوضع يهدد سلامة هذا المعلم التاريخي ويعكس تراجع الاهتمام بحماية التراث الثقافي للمدينة.

قيمة تاريخية وأثرية متميزة

يعتبر المسجد العتيق من أقدم المساجد التي بنيت في العصر العباسي، ويحظى بأهمية تاريخية كبيرة لارتباطه بالخليفة المنصور، مؤسس بغداد. يجسد المسجد الطراز المعماري الإسلامي لتلك الفترة، ويشكل شاهداً على حقب تاريخية وثقافية أثرت في هوية الرقة وسكانها. لطالما كان المسجد مركزاً دينياً وتعليمياً هاماً، وجزءاً لا يتجزأ من ذاكرة الرقة وتراثها الحضاري.

تفاقم الوضع بسبب انتشار القمامة ومولدات الأمبيرات

يشكو سكان الرقة من تراكم النفايات والحطام داخل المسجد وحوله، بالإضافة إلى وجود مولدة أمبيرات كهربائية داخله، وهو ما يعتبر تعدياً على حرمة المكان الأثري. أعرب المعنيون عن استيائهم من هذا المشهد، مؤكدين أن استمرار الإهمال يشوه القيمة التاريخية للمسجد ويهدد مستقبله. وفي تصريح لسوريا 24، قال معاذ المصطفى (52 عاماً)، من سكان الرقة: «وجود مولدة الأمبيرات بهذا الشكل داخل موقع أثري ذي قيمة كبيرة يشوه المنظر ويقلل من قيمته التاريخية. نأمل إزالة هذه المعدات بأسرع وقت، والتفكير بطريقة تحافظ على أصالة الموقع وجماله».

مناشدات الأهالي لإنقاذ المعلم الأثري

طالب السكان الجهات المعنية بالتدخل العاجل لإنقاذ المسجد من الإهمال والتلوث، وأكدوا على أهمية تنظيفه وتعيين حارس للموقع لمنع التخريب والحفاظ على سلامته. وقال موسى الحسن (47 عاماً)، من سكان المنطقة، لسوريا 24: «نشعر بخيبة أمل كبيرة من الإهمال الذي أصاب المسجد العتيق، فهو رمز للفخر والتاريخ لدينا، أما الآن فالقمامة والأوساخ تحيط به من كل جانب، وهذا تقصير من الجهات المسؤولة. نطالب بحلول فعلية وسريعة لإنقاذ هذا الموقع الهام». وأعرب عيسى الخطيب (55 عاماً)، من سكان الحي، عن استيائه قائلاً: «عندما نرى كيف تعتني الدول الأخرى بمواقعها الأثرية وتحافظ على رونقها، نحزن على وضعنا هنا. نأمل أن تتوفر رؤية جادة لحماية تراثنا والارتقاء بطريقة إدارة المواقع الأثرية حتى نلحق بركب الدول التي تحافظ على تاريخها بجدية وحرص».

بلدية الرقة: ظروف اقتصادية صعبة وتنسيق مع جهات عدة

أرجعت بلدية الرقة أسباب الإهمال إلى الظروف الاقتصادية الصعبة ونقص الموارد، مما أثر سلباً على قدرة البلدية على تنفيذ حملات صيانة وتنظيف دورية للمواقع الأثرية، مشيرة إلى سعيها المستمر لتأمين الدعم اللازم بالتعاون مع الجهات المعنية والمنظمات العاملة في الرقة. وأوضحت البلدية في تصريح لسوريا 24 أن «المسجد العتيق يحمل قيمة تاريخية كبيرة، ونقدر أهميته كمعلم أساسي من معالم هوية الرقة. نعمل قدر المستطاع ضمن الإمكانيات المتاحة لتوفير بيئة نظيفة وآمنة للمواطنين وزوار المدينة، ونأمل أن نجد تعاوناً جاداً من الأهالي عموماً، وأهالي حي المنصور خصوصاً، للمحافظة على هذا الموقع الأثري من خلال الالتزام بقواعد النظافة وعدم إلقاء القمامة داخله أو في محيطه».

في الختام، يبقى المسجد العتيق في الرقة شاهداً على ماض عريق، وتزداد الحاجة لإنقاذه من الإهمال لضمان الحفاظ عليه للأجيال القادمة وصون هويته التاريخية والثقافية.

مشاركة المقال: