الإثنين, 15 سبتمبر 2025 08:03 PM

السلطة السورية المؤقتة تحظى بدعم دولي وسط معارضة داخلية ناشئة

السلطة السورية المؤقتة تحظى بدعم دولي وسط معارضة داخلية ناشئة

منذ اللحظات الأولى لتسلمها السلطة عقب سقوط نظام “بشار الأسد” في 8 كانون الأول 2024، حظيت السلطات السورية المؤقتة باعتراف دولي واسع النطاق. وقد عززت هذه السلطة شرعيتها الداخلية من خلال “مؤتمر النصر” الذي أعلن فيه 14 فصيلًا عسكريًا عن تسمية “أحمد الشرع” رئيسًا للدولة.

سناك سوري _ محمد العمر

كان المشهد لافتًا مع تسارع الدول للاعتراف بالسلطة الجديدة في “دمشق”، والانفتاح عليها، ورفع العقوبات، وتغيير السياسات تجاه “سوريا” بشكل عام. إلا أن السلطة الجديدة بدأت سريعًا في استهلاك رصيدها الدولي في معالجة القضايا الداخلية.

في حين لم يتغير موقف “واشنطن” من “قسد” كحليف أساسي في الحرب على “داعش”، فإن الانفتاح الأمريكي على “دمشق” دفع نحو إيجاد صيغة للتوافق والحل السلمي بين “قسد” و”دمشق” لتجنب المواجهة العسكرية. وقد أسفر ذلك عن اتفاق 10 آذار بين “الشرع” وقائد “قسد” “مظلوم عبدي” لتنظيم اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية في مناطق شمال شرق سوريا في الدولة الجديدة.

لقاء الرئيسين السوري أحمد الشرع والأمريكي دونالد ترامب
لقاء الرئيسين السوري أحمد الشرع والأمريكي دونالد ترامب _ انترنت

لكن التوقيع المفاجئ على الاتفاق، الذي تزامن مع مجازر الساحل، سرعان ما تلاشى بسبب الخلافات حول تفاصيل الاتفاق وتفسير بنوده، مما يعيق حتى الآن إيجاد حل جذري لمسألة مناطق الشمال الشرقي.

تغيّر الخطاب الدولي

شهد خطاب الدول تجاه “سوريا” تحولًا ملحوظًا بعد مجازر الساحل في آذار، حيث بدأت الدول تدعو الحكومة السورية لحماية الأقليات ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.

على الرغم من ذلك، استمرت “واشنطن” في مسار رفع العقوبات، على الرغم من التوقعات بأن الأحداث الأخيرة ستوقف هذا التوجه. إلا أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مضى قدمًا في رفع العقوبات بمختلف أنواعها، لكن العقبة ظهرت في “الكونغرس” حيث لا يزال قانون “قيصر” معلقًا ولم يتم إلغاؤه بالكامل، وكذلك القوانين السابقة التي بقيت مجمدة دون إلغاء بقرار من الكونغرس.

التدخل الإسرائيلي

منذ بداية حكمها، سعت السلطات السورية الجديدة للتأكيد على أنها لن تشكل تهديدًا لدول الجوار، بما في ذلك كيان الاحتلال الإسرائيلي. وبدأ الحديث عن انفتاح نحو توقيع اتفاق أمني أو حتى اتفاق سلام، على الرغم من أن قوات الاحتلال بادرت عقب سقوط النظام لاحتلال المنطقة العازلة المنصوص عليها في اتفاق 1974، معتبرة أن “سوريا” خارج الاتفاق بسبب سقوط نظام “الأسد”.

قصف الاحتلال لمقر الأركان بدمشق
قصف الاحتلال لمقر الأركان بدمشق _ انترنت

إلا أن التدخل الإسرائيلي الأبرز تزامن مع “أحداث السويداء”، وكانت ضربته الأقوى حين استهدف مقر قيادة الأركان وسط “دمشق”. ثم بدأت تتعالى في “السويداء” أصوات بقيادة الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز “حكمت الهجري” تشيد بالدعم الإسرائيلي وتطالب بإقليم منفصل جنوب البلاد.

التحركات السياسية

بعد سقوط النظام، بدأت بعض الأجسام السياسية بالتشكل، بما في ذلك “تجمع سوريا الديمقراطية” الذي ضم شخصيات معروفة بنضالها ضد نظام “الأسد” مثل “فاتح جاموس”، ومؤخرًا تشكيل التي أعلنها السياسي المعروف “هيثم مناع”. إضافة إلى تشكيلات أخرى مثل “المجلس الإسلامي العلوي الأعلى” الذي ضم الشيخ “غزال غزال”، أو “المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا” الذي ضم ناشطين وحقوقيين من الطائفة العلوية وطالب بفيدرالية وحكم ذاتي لمناطق وسط وغرب البلاد، أو حركة التي أعلن “عمر رحمون” نفسه أميناً عاماً لها وقال أنها تمثل الإسلام الصوفي الأشعري في “سوريا” بمواجهة السلطة القائمة.

وأخيرًا، جاءت محاضرة العميد المنشق لتشعل جدلاً بدا وكأنه بمواجهة تيار جديد يعارض سلطة “دمشق”، رغم أن “طلاس” نفسه لم يعلن في المحاضرة التي أقامها في “باريس” عن تشكيل أي حزب أو تيار أو مجلس، إلا أنه أعاد طرح فكرة تشكيل مجلس عسكري وهيئة حكم انتقالية بما يتوافق مع القرار الدولي 2254.

محاضرة مناف طلاس في باريس
محاضرة مناف طلاس في باريس

كما أن إشارته إلى أنه على تواصل مع 10 آلاف ضابط منشق، دفعت البعض للحديث عن أنه يقدّم نفسه كبديل عن السلطة الحالية وأن بإمكان اتصالاته ونفوذه قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية.

لكن جميع التكوينات السياسية المذكورة لم تحظَ بدعم معلن من دولة محددة، وإن كان البعض يتهم هذه التجمعات بالعمل لصالح أجندات خارجية ضد السلطة الحالية، إلا أن الدعم والاعتراف الدولي لا يزال منحصراً في “دمشق”، وليس أمامها من عقبات سوى حل ملفي الشمال الشرقي و”السويداء” لتنفرد بالتمتع بالشرعية الدولية كسلطة وحيدة تقود “سوريا” في المرحلة الانتقالية.

من هنا، يبدو أن لدى “دمشق” رصيد دولي نشأ بسرعة بعد طول انتظار لسقوط “الأسد”، إلا أن هذا الرصيد لن يكون لا نهائياً، وسيتناقص مع كل انتهاكات جديدة أو حوادث لا تقوم فيها الدولة السورية بمهامها، بينما سيتصاعد هذا الرصيد في حال التوصل إلى اتفاقات وحلول سواءً مع “قسد” شمالاً أو مع “السويداء” جنوباً.

في حين أن مشهد الانقسام السوري الحالي قد يدفع بعض الدول للتدخل ودعم طرف من هنا أو من هناك لتوسيع الفجوة بين السوريين وخلق انقسامات جديدة.

مشاركة المقال: