الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 01:52 PM

المياومة في سوريا: معاناة مستمرة في ظل غياب الضمانات القانونية والاجتماعية

المياومة في سوريا: معاناة مستمرة في ظل غياب الضمانات القانونية والاجتماعية

أحمد كنعان – دمشق

يعيش العامل المياوم في سوريا ظروفاً معيشية صعبة، حيث يعمل لساعات طويلة قد تتجاوز 12 ساعة في اليوم، مقابل أجر زهيد لا يكفي لتلبية احتياجاته الأساسية. يفتقر هؤلاء العمال إلى أبسط الحقوق، مثل العطلة الأسبوعية المدفوعة والتأمين الاجتماعي والصحي، مما يجعلهم عرضة للاستغلال.

قلق دائم

يقول عامر العبد، من سكان دمشق، لـ "نورث برس": "أعمل في النجارة باليومية، وإذا لم أعمل لا أجد ما آكله. أشعر بقلق دائم على مستقبلي، وأتمنى تحسين أوضاع العمال غير الموظفين."

وتضيف حلا الباشا، وهي أم لطفل وتعمل في مشغل خياطة بدمشق، لـ "نورث برس": "تكلفة المواصلات تستهلك جزءاً كبيراً من أجري اليومي، وإذا اضطررت لأخذ إجازة، لا أحصل على أجر. كما أنني لا أستطيع تحمل تكاليف العلاج في حال المرض. أتمنى من الحكومة تحسين شروط العمل في القطاع الخاص."

رب العمل أيضاً غير راضٍ

من جهته، يعرب بسام سعدة، وهو متعهد ديكورات ودهانات، عن قلقه بشأن غياب التأمينات والضمان الصحي لعماله. ويقول لـ "نورث برس": "عمالي يعيشون في قلق دائم على مستقبلهم. مهما حاولنا رفع أجورهم، فإن ذلك لا يكفيهم لتغطية نفقاتهم الأساسية، بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية." ويأمل سعدة في تحسين الأوضاع وتوفير تأمينات اجتماعية وصحية تحمي حقوق الجميع.

قضية مسكوت عنها

يؤكد المحامي باسل مانع أن قضية المياومين من القضايا المهملة، على الرغم من تأثيرها على شريحة واسعة من المواطنين، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي. ويوضح لـ "نورث برس" أن قانون العمل السوري رقم 17 لعام 2010 لا يوفر الحماية الكافية للمياومين، حيث يشترط وجود عقد عمل مكتوب لضمان حقوقهم. وبما أن معظم المياومين يعملون بشكل غير نظامي، فإنهم يفتقرون إلى الحماية القانونية.

ويشير مانع إلى أن المياوم يُصنف كعامل غير رسمي، مما يحرمه من التأمين الاجتماعي والضمان الصحي والإجازات المدفوعة والتعويضات في حال الإصابة.

إمكانية تثبيت الحقوق… ولكن

يوضح مانع أنه يمكن تثبيت بعض الحقوق قضائياً إذا استطاع العامل إثبات وجود علاقة عمل دائمة، وذلك من خلال الشهود أو الرسائل أو التحويلات المالية. ويمكنه حينها المطالبة بتعويض نهاية خدمة أو فرق أجور أو تعويض عن الصرف التعسفي. إلا أن هذه المعركة القانونية مكلفة وصعبة، وقد يخشى الكثير من المياومين خوضها خوفاً من فقدان مصدر رزقهم.

ويقترح مانع حلولاً ممكنة، مثل إصدار تشريعات خاصة أو تعديل قانون العمل لإلزام أصحاب العمل بتنظيم عقود حتى مع العمال الموسميين والمياومين، وإدخالهم في نظام الحماية الاجتماعية. ويشدد على أهمية الضغط من قبل النقابات والهيئات المدنية على الحكومة لتنظيم سوق العمل غير الرسمي، ونشر التوعية القانونية بين العمال وأرباب العمل.

اضطرابات نفسية قد تؤدي إلى الإدمان

تقول الدكتورة نور محمد، المختصة بعلم النفس، لـ "نورث برس": "المياومون شريحة كانت موجودة منذ عهد النظام السابق، وازداد عددهم بعد الانهيار الاقتصادي. يعاني هؤلاء العمال من اضطرابات نفسية وقلق قد يؤدي إلى الإدمان، على الرغم من محدودية الدخل. ويؤثر ذلك سلباً على الأسرة والمجتمع."

وكانت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية، هند قبوات، قد أكدت في حديث لـ "بودكاست دفين" أن الوزارة تعمل على صياغة قانون عمل جديد يُلبي تطلعات الاستثمار ويراعي المعايير الدولية.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: