الثلاثاء, 16 سبتمبر 2025 01:35 AM

بيانون بريف حلب: عودة إلى ديار مدمرة وسط تحديات خدمية وإنسانية

بيانون بريف حلب: عودة إلى ديار مدمرة وسط تحديات خدمية وإنسانية

بعد سنوات من النزوح، عاد أهالي بلدة بيانون بريف حلب الشمالي إلى ديارهم بعد سقوط النظام في كانون الأول/ديسمبر الماضي. لكن فرحة العودة اصطدمت بواقع مرير يتمثل في المنازل المهدمة، والبنية التحتية المتداعية، واقتلاع أشجار الزيتون.

مشاعر متناقضة: فرحة العودة وألم الفقد

جمال اسكيف، أحد العائدين، يصف رحلة نزوحهم قائلاً: "عدنا منذ بداية التحرير، تهجرنا إلى عدة مناطق بداية الثورة، أولًا إلى حلب، ثم إلى دارة عزة، وبعدها إلى أورم الكبرى، وأخيرًا إلى مدينة أعزاز". ورغم الظروف الصعبة، قرر العودة بعد سقوط نظام الأسد، لكنه وجد القرية منكوبة وشبه مدمرة، حيث المنازل منهوبة والأشجار مقتلعة، والآبار والمركز الصحي والمدارس مدمرة.

ويضيف اسكيف: "الرجوع هو عودة للحياة إلى بلدنا وقريتنا التي ولدنا وعشنا فيها أحلى أيام العمر، رغم ما مر بها من قصف وفقد أعزاء". ويؤكد أن مشاعر العودة كانت مختلطة بين الفرح والحزن، مشيرًا إلى اختلاف الحياة بعد 14 عامًا.

وعن الخدمات، يقول: "الناس يعانون من نقص المياه، حيث يشترون الصهاريج بأسعار باهظة. أما الكهرباء، فهي غير موجودة". ويشير إلى أن التعليم صعب للغاية، فالمدرسة الوحيدة لا تتسع للجميع، والثانويتان تحتاجان إلى ترميم. ويطالب المنظمات بدعم ترميم المنازل والآبار والفرن والمركز الصحي، ويشير إلى اقتلاع شبيحة الأسد لنحو 312 شجرة زيتون من بستانه.

"الرجوع هو الولادة من جديد"

محمد خيرو يصف عودته قائلاً: "عدنا بعد التحرير بقليل، ووجدنا البلدة كأنها بلدة أشباح، ولكن الفرحة تغمر قلوبنا". ويضيف: "الدمار والخراب كانا واضحين، والسكن غير صالح. والتحديات عديدة: لا ماء، ولا كهرباء، ولا حياة".

ويتابع: "الرجوع هو الولادة من جديد، وتباشير للاستقرار. والمشاعر هي حلم كل مهجر قسرًا عن وطنه". ويؤكد أنه يشعر بالأمان في قريته، رغم اختلاف الثقافات المجتمعية، مشيرًا إلى غياب الخدمات التي ذكرها اسكيف. ويؤكد أنهم يتعاملون مع النقص بالصبر، وأن الحاجة الأبرز هي الماء.

ويختم بالقول: "إنها معادلة البقاء أو الفناء"، مطالبًا المنظمات بالتدخل لمساعدة الأهالي في ترميم المنازل وإعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء.

رغم عودة مئات العائلات، لا يزال المشهد في بيانون يعكس سنوات من التدمير والإهمال. فالبلدة التي تقع شمال حلب، كانت قد شهدت مظاهرات سلمية قوبلت بالقمع، وتحولت إلى نقطة اشتباك بين قوات النظام وفصائل المعارضة، مما أدى إلى دمار واسع ونزوح جماعي. ورغم خروج النظام أواخر عام 2024، فالخدمات شبه معدومة، والزراعة متراجعة، والأهالي يواجهون واقعًا معيشيًا قاسيًا في ظل غياب الدعم.

المجلس المحلي: عجز مالي وواقع صعب

عبد الغفور حسين دياب، رئيس المجلس المحلي لبلدة بيانون، يقول: إن أبرز النواقص هو توفير مياه الشرب، وإعادة تفعيل المخبز، وتأمين مصاريف جرار البلدية وإنارة الشوارع وترميم المدارس. ويضيف: "أبرز التحديات هي عدم وجود تغطية مالية لتوفير الخدمات، وخاصة النظافة".

ويوضح أن هناك استقرارًا سكانيًا وعودة للنازحين، لكن لم يتم تنفيذ أي مشروع جديد. ويضيف: "يتم تأمين المياه عن طريق الصهاريج بأسعار مرتفعة. أما شبكة الصرف الصحي، فهي سليمة، لكننا نحتاج إلى ترميم وصيانة".

الزراعة في مواجهة الانهيار

يوضح دياب أن نسبة الاعتماد على الزراعة كانت 50% قبل الثورة، أما الموسم الماضي فكان ضعيفًا. ويضيف: "الزراعة هذا العام تأثرت بالجفاف ونقص الأسمدة والمحروقات"، وأنه لا يوجد دعم لتحسين الإنتاج. ويشير إلى قطع أكثر من 5000 شجرة زيتون، ووجود سواتر ترابية تعيق عمل المزارعين، مناشدًا بإزالة السواتر.

التعليم والصحة: مدارس مدمرة ومستشفى بلا تجهيز

يتابع رئيس المجلس: "رُممت مدرسة، وباقي المدرستين تحتاجان إلى ترميم. الكادر جاهز، ولكن المدرسة المرممة لا تستوعب كل الطلاب". أما في القطاع الصحي، فيوضح: "يوجد مركز صحي يخدم الأهالي، ولكن بدون تجهيزات".

التماسك المجتمعي والإدارة المحلية

يقول دياب: "نتعامل مع قضايا النزاع الاجتماعي عن طريق وجهاء القرية"، وأن هناك تعاونًا من الأهالي في تنفيذ القرارات. ويضيف حول محدودية الإمكانات: "ليس بإمكان المجلس فعل شيء في دعم الشباب والنساء بسبب القدرات المحدودة". ويختم بالأرقام: "نسبة الدمار الكلي 15%، والدمار الجزئي 85%. والتعداد الحالي 2200 نسمة".

بين شهادات الأهالي وتصريحات المجلس المحلي، تبدو بيانون أمام مشهد مزدوج: فرحة العودة وتحديات يومية في الماء والكهرباء والتعليم والصحة والزراعة. ويبقى نداء الأهالي واضحًا: "مساعدة عاجلة لإعادة إعمار المنازل، وتأمين المياه، وإعادة تشغيل الفرن، وترميم المدارس والمركز الصحي".

مشاركة المقال: