شهد الإنفاق العربي على التسلح، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نمواً ملحوظاً خلال عام 2024، مدفوعاً بالتوترات الجيوسياسية المتزايدة في المنطقة، بما في ذلك القضية الفلسطينية والاضطرابات في السودان وليبيا واليمن وإيران وجنوب لبنان وسوريا. يثير هذا النمو تساؤلات حول حجم اقتصادات الدفاع الإقليمية في 2024، واتجاهات الإنفاق العسكري العربي، واحتمالية دخول بعض الدول في حالة اقتصاد الحرب، وتأثير هذه الزيادة على رفاهية الشعوب.
الإنفاق العسكري العالمي:
ارتفع الإنفاق العسكري العالمي بنهاية عام 2024 إلى 2.7 تريليون دولار، أي ما يعادل 2.5% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مسجلاً نمواً مستمراً على مدى عشر سنوات. وارتفع الإنفاق بنسبة 37% بين عامي 2015 و2024. استحوذت الولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا والهند على نحو 60% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي، بإجمالي 1.635 مليار دولار، وفقاً لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).
تصدرت الولايات المتحدة الأميركية قائمة الدول الأكثر إنفاقاً عسكرياً في 2024، بإجمالي نفقات 997 مليار دولار، تلتها الصين بـ 314 مليار دولار، ثم روسيا بـ 149 مليار دولار، وألمانيا بـ 88.5 مليار دولار، والهند بـ 86.1 مليار دولار، وبريطانيا بـ 81.8 مليار دولار، والسعودية بـ 80.3 مليار دولار، وأوكرانيا وفرنسا بـ 64.7 مليار دولار لكل منهما، واليابان بـ 55.3 مليار دولار.
الشرق الأوسط: أسرع أسواق السلاح نمواً:
نما الإنفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط بمعدل 15% خلال عام 2024، مسجلاً 243 مليار دولار، وفقاً لتقديرات معهد ستوكهولم. وقدرت شركة فوركاست إنترناشيونال الأميركية للأبحاث العسكرية نفقات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الدفاع بقيمة 220.6 مليار دولار عام 2024، بمعدل نمو 15.6% عن متوسط عام 2023، وهو أسرع معدل نمو في العالم.
السعودية تتصدر الدول العربية في الإنفاق العسكري:
بحسب بيانات معهد ستوكهولم، احتلت السعودية المرتبة الأولى عربياً والسابعة عالمياً من حيث حجم الإنفاق العسكري خلال عام 2024، بإجمالي نفقات 80.3 مليار دولار. وجاءت الجزائر في المرتبة الثانية بإجمالي 21.8 مليار دولار، وإيران ثالثاً بـ 7.9 مليارات دولار، والكويت رابعاً بـ 7.8 مليارات دولار، والعراق خامساً بإجمالي 6.2 مليارات دولار.
وأكدت إحصائية أخرى أعدتها شركة فوركاست إنترناشيونال (Forecast International) الأميركية، أن السعودية حصدت المركز الأول عربياً في الإنفاق العسكري عام 2024 بقيمة 71.73 مليار دولار، والجزائر ثانياً بـ 21.75 مليار دولار، والإمارات ثالثاً بإجمالي 20.16 مليار دولار، والعراق رابعاً بـ 8.9 مليارات دولار، وسلطنة عُمان خامساً بـ 7.9 مليارات دولار، والكويت سادساً بـ 6.19 مليارات دولار، وقطر سابعاً بـ 5.6 مليارات، والمغرب ثامناً بـ 5.4 مليارات، ولبنان تاسعاً بـ 2.62 مليار دولار، ومصر عاشراً بـ 2.5 مليار دولار.
مستقبل الإنفاق العسكري العربي:
توقعت فوركاست إنترناشيونال أن يصل حجم الإنفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 226 مليار دولار خلال عام 2025 الجاري، و232 مليار دولار في 2026، و240.6 مليار دولار عام 2027، و248.1 مليار دولار عام 2028، و255.9 مليار دولار عام 2029، وفق دراسة نشرتها خلال شباط (فبراير) 2025.
وأشارت مؤسسة ديفنس ون (Defense One) الأميركية إلى ارتفاع التنافسية في سوق الأسلحة بالشرق الأوسط خلال 2024. وأعلنت روسيا قبيل حربها مع أوكرانيا أن حجم صادراتها السنوية من الأسلحة إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلغ نحو 6 مليارات دولار. ويوجه نحو ثلث صادرات فرنسا السنوية من الأسلحة إلى الشرق الأوسط، أما بريطانيا فتوجه نحو 40% من طلبات تصدير الأسلحة البالغة قيمتها 10 مليارات دولار في عام 2022، إلى الوجهة ذاتها، فيما لم تعلن الصين عن حجم صادرات أسلحتها إلى الشرق الأوسط.
يقول حسن سامح، الخبير في الشؤون العسكرية، إن التوترات الجيوسياسية الراهنة كانت وراء ارتفاع فاتورة النفقات العسكرية سواء عربياً أو عالمياً وتحديداً أوروبياً بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط، ورجّح زيادة النفقات خلال الفترة المقبلة خصوصاً في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والاضطرابات السياسة عربياً وعالمياً، وألا تقل الزيادة عن 10%، مشيراً إلى مساعي الصين لاحتلال تايوان، والهجمات الإسرائيلية على سوريا ولبنان واليمن.
وأكد سامح أن العالم العربي لم يصل لحالة اقتصاد الحرب (توجيه النسبة الأكبر من الناتج الإجمالي المحلي للإنفاق العسكري)، قائلاً “مما لا شك فيه أن رفاهية الشعوب العربية ستتأثر بشدة خلال الفترة المقبلة، جراء نمو الإنفاق العسكري، وهذا الأمر يتطلب من الحكومات التصرف بحكمة في ميزانية الدولة”.