الجمعة, 31 أكتوبر 2025 09:47 AM

خلافات حول المناهج الدراسية: "الإدارة الذاتية" تربط إغلاق المدارس المسيحية بمنهاج البعث والحزب الآشوري يستنكر

خلافات حول المناهج الدراسية: "الإدارة الذاتية" تربط إغلاق المدارس المسيحية بمنهاج البعث والحزب الآشوري يستنكر

يشهد شمال شرقي سوريا، وتحديدًا محافظة الحسكة، خلافًا بين "هيئة التربية والتعليم" التابعة لـ"الإدارة الذاتية" وعدد من المدارس المسيحية. الخلاف ناتج عن رفض هذه المدارس اعتماد مناهج "الإدارة الذاتية". في المقابل، تؤكد "الهيئة" سعيها لضمان تعليم موحد ومجاني يحترم لغات وثقافات جميع المكونات، نافيةً إغلاق أي مدرسة.

عدنان بري، الرئيس المشارك لـ"هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية"، صرح لـ"نورث برس" في 30 تشرين الأول، بأن "بعض المدارس التابعة للكنائس ما زالت تعتمد مناهج وزارة التربية السورية، وهي مناهج نظام البعث، وتفرض رسومًا مالية، ما يخالف مبدأ مجانية التعليم المنصوص عليه في العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية". وأوضح أن هذه المدارس تحمل أسماء طوائف مثل السريانية والإنجيلية المشيخية والأرمنية، لكنها في الواقع مدارس خاصة لا تتبع رسميًا للكنائس، وتعتمد مناهج دراسية وليست نهجًا كنسيًا أو طقسًا دينيًا.

وأضاف بري أن التعليم في هذه المدارس غير مجاني، ويستقبل طلابًا من مختلف المكونات: الكرد والعرب والمسيحيين. يبلغ عدد المدارس التابعة للطوائف المسيحية في الجزيرة 11 مدرسة، تتوزع بواقع خمس مدارس في الحسكة، وخمس في القامشلي، ومدرسة واحدة في ديرك. وقد اعتمدت "الإدارة الذاتية" مبدأ توحيد المناهج الدراسية منذ بداية العام الدراسي الحالي، وأوقفت التدريس بالمناهج الصادرة عن دمشق في مناطقها، وفقًا لبري. وأشار إلى أن "الحزب الآشوري" رفض هذه الخطوة وطالب بتدريس مناهج معترف بها.

وأكد بري أن بعض المدارس التابعة للطوائف المسيحية رفضت اعتماد مناهج "الإدارة الذاتية"، وفضلت الاستمرار بمنهاج "النظام البعثي"، وهو ما يتعارض مع العقد الاجتماعي الذي يضمن لكل مكون أن يتعلم بلغته. وشدد على أن هيئة التربية في "الإدارة الذاتية" لم تغلق أي مدرسة، بل تسعى لتوحيد المناهج وتطبيق منهاج الإدارة الذاتية في جميع المدارس، بهدف ضمان تعليم مجاني لكل المكونات وفق لغاتها وثقافاتها.

الحزب الآشوري يستنكر إغلاق المدارس

من جانبه، رفض "الحزب الآشوري الديمقراطي"، في بيان صدر في 28 تشرين الأول، القرارات الصادرة عن مؤسسات "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا، والمتعلقة بإغلاق المدارس الخاصة العائدة للكنائس، أو إلزامها بتدريس المنهاج المعتمد من قبل "الإدارة الذاتية"، معتبرًا أن هذا المنهاج غير معترف به على المستويين الوطني والدولي.

واعتبر "الحزب الآشوري" أن هذه الخطوة تمس بشكل مباشر حق أبنائهم في التعليم المعترف به رسميًا، وتعرض مستقبل الطلبة الآشوريين وسائر المكونات إلى حالة من "الضبابية والارتباك"، نتيجة فرض مناهج لا تتيح لهم متابعة تحصيلهم العلمي في الجامعات داخل سوريا أو خارجها. وجاء بيان "الحزب الآشوري الديمقراطي" بعد فشل الحوارات بين الكنائس و"الإدارة الذاتية" حول هذا الملف ووصولها إلى طريق مسدود، ولا سيما بعد الاجتماع الأخير الذي عقد في 27 تشرين الأول. وأشار "الحزب" إلى أنه تريث في إصدار بيانه هذا خلال الفترة الماضية، لإعطاء الفرصة "الكاملة" للحوارات التي كانت تجري بين الكنائس و"الإدارة الذاتية"، آملًا في التوصل إلى حلول تحفظ حقوق الطلبة والمؤسسات التعليمية على حد سواء.

وأوضح "الحزب الآشوري" أن هذه القرارات اتخذت دون التشاور مع ممثلي المكون الآشوري، الذي تعد الكنائس والمدارس التابعة له ركيزة أساسية في الحفاظ على هويته الثقافية والدينية. واعتبر "الحزب الآشوري الديمقراطي" أن هذا "الإقصاء" يعد خرقًا لمبدأ الشراكة والمساواة بين المكونات المنصوص عليه في العقد الاجتماعي لـ"الإدارة الذاتية"، والذي يفترض أن يضمن لكل مكون حقه في إدارة شؤونه التعليمية والثقافية بحرية. ويرى "الحزب" أن هذه الإجراءات تشكل تعديًا على حقوق المكونات الأصلية في الجزيرة السورية، وتهديدًا للتنوع القومي والثقافي في المنطقة، وتضع مستقبل التعليم والأجيال القادمة أمام مجهول خطير لا يمكن القبول به.

ما القضية

كانت "الإدارة الذاتية" قد أغلقت المدارس الخاصة بالمسيحيين من سريان وأرمن، ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها، في 30 أيلول الماضي. واقتحمت قوات الأمن الداخلي (أسايش) خمس مدارس خاصة تابعة للمكون المسيحي في مدينة القامشلي، وأغلقتها بالقوة، بعد طرد الإداريين والطلاب منها بشكل مفاجئ. ويعود سبب الإغلاق لرفض رؤساء الكنائس المسيحية فرض المناهج الخاصة بـ"الإدارة" على مدارسها الخاصة، ومطالبتها بالاستمرار بتدريس المنهاج الحكومي السوري.

وطالب أبناء الديانة المسيحية "الإدارة الذاتية" في مقابلاتهم مع عنب بلدي حينها بالتراجع عن هذه القرارات الصادرة، مؤكدين أن مطالبهم تنطلق من حقوق إنسانية ودستورية أصيلة، وليست امتيازات طائفية. وشملت قرارات الإغلاق عددًا من المدارس والكليات الخاصة، منها مدرسة مار قرياقس (السريان الأرثوذكس)، مدرسة السلام (الأرمن الكاثوليك)، مدرسة ميسلون (البروتستانت)، مدرسة فارس الخوري (الآشوريين)، مدرسة الاتحاد (الأرمن الأرثوذكس)، ومدرسة الأمل بالحسكة التابعة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية.

مشاركة المقال: