د. أكرم خولاني: تؤدي الصدمات على الصدر إلى رضوض وكدمات وآلام شديدة، وقد تتسبب بكسور في واحد أو أكثر من أضلاع القفص الصدري، وتحدث حالات كسور الأضلاع في 10% من إصابات الصدر الناتجة عن الحوادث والصدمات. ورغم أن معظم هذه الحالات تعالَج بشكل محافظ، فإن حوالي 30% منها يحتاج إلى التدخل الطبي المتقدم بسبب المضاعفات الخطيرة المحتملة.
ما كسور الأضلاع؟
كسور الأضلاع (Rib fractures) هي كسر أو تحطم في واحد أو أكثر من العظام التي تحيط بالصدر (القفص الصدري)، ورغم أن أضعف جزء من الضلع هو المنطقة الأمامية لزاويته، يمكن أن يحدث الكسر في أي مكان. نادرًا ما يكسر الضلع الأول بسبب موقعه خلف عظم الترقوة الذي يجعله محميًا، ولكن كسره يمكن أن يحدث أضرارًا جسيمة في الضفيرة العضدية من الأعصاب والأوعية تحت الترقوة. الكسور في الضلعين الأول والثاني غالبًا ما تكون مرتبطة مع إصابات في الرأس والوجه أكثر من ارتباطها بكسور في الأضلاع الأخرى. كسور الأضلاع الوسطى هي الأكثر شيوعًا، والأضلاع الأكثر تعرضًا للكسر بينها هي الضلع السابع والضلع العاشر. نادرًا ما تنكسر الأضلاع السفلية بسبب قدرتها على التحرك أكثر من الأضلاع العلوية والوسطى.
ما أنواع كسور الأضلاع؟
تشمل الأنواع الشائعة ما يلي:
- الكسر البسيط: تتضمن هذه الكسور كسرًا واحدًا في الضلع دون إزاحة.
- الكسر النازح: ينفصل جزء من الضلع مع عدم محاذاة الأطراف المكسورة.
- الكسر المفتت: ينكسر الضلع إلى عدة أجزاء.
- الكسر العائم: عندما تتحرك الأجزاء المكسورة.
ما المضاعفات المحتملة لكسور الأضلاع؟
تختلف المضاعفات باختلاف الأضلاع المكسورة، وتتضمن المضاعفات المحتملة:
- الصدر السائب: ينجم الصدر السائب إذا تعرض عدد من الأضلاع المتجاورة للكسر في أكثر من مكان واحد، فينفصل جزء من جدار الصدر عن البقية ويتحرك في الاتجاه المعاكس عن بقية جدار الصدر عندما يقوم الشخص بالتنفس، ويصبح التنفس صعبًا ومتعبًا بشكل أكثر.
- الرض الرئوي: يمكن أن تؤدي ضربة قوية بشكل يكفي للتسبب بالصدر السائب عادة إلى تكدم في الرئة تحت المنطقة المصابة أيضًا.
- تمزق في الشريان الأبهر: يمكن أن يخترق الطرف الحاد من كسر في أحد الأضلاع الثلاثة الأولى أعلى القفص الصدري أحد الأوعية الدموية الرئيسة، ومنها الشريان الأبهر.
- تمزق في الرئة: يمكن للطرف المدبب من ضلع أوسط مكسور أن يحدث ثقبًا في الرئة ويسبب انخماصها.
- إصابة الحجاب الحاجز والطحال أو الكبد أو الكلى: يمكن لأطراف الضلع السفلي المكسور أن تسبب انثقابًا في الحجاب الحاجز وضررًا خطيرًا للطحال أو الكبد أو الكلى.
ما أسباب كسر الاضلاع؟
عادة ما تنجم كسور الأضلاع عن قوة كليلة شديدة على الصدر مباشرة، وهذا ما يحدث في حالات الصدمات التي تحدث نتيجة:
- حوادث المركبات الآلية: يمكن أن تمارس الاصطدامات عالية السرعة قوة كبيرة على الصدر، ما يؤدي إلى كسور في الأضلاع، وتشير الإحصائيات إلى أن 50–60% من حالات كسور الأضلاع تحدث بسبب حوادث السيارات.
- السقوط: يمكن أن يؤدي السقوط من ارتفاع أو الانزلاق إلى حدوث صدمة مباشرة في الصدر.
- بعض الرياضات: كرياضات التلاحم البدني وكرة القدم.
ولكن يمكن أن تحدث أيضًا نتيجة الإجهاد المتكرر، فتسمى “كسور الإجهاد”، وتكون عبارة عن شقوق صغيرة في عظم الضلع، ومن هذه الحالات:
- السعال الشديد المزمن: مثل نوبات السعال التي غالبًا ما تظهر في حالات مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
- بعض الرياضات: مثل “الغولف” والتجديف.
وفي حالات مرضية خاصة قد تحدث كسور الأضلاع نتيجة صدمات خفيفة، وتسمى “الكسور المرضية”، ومن هذه الحالات:
- هشاشة العظام: تؤدي هذه الحالة إلى إضعاف العظام، ما يجعلها أكثر عرضة للكسور.
- سرطان العظام: يمكن أن تؤدي الآفات النقيلية في الأضلاع إلى إضعاف بنية العظام، ما يؤدي إلى حدوث كسور حتى مع الحد الأدنى من الصدمة.
ما أعراض كسور الأضلاع؟
العرَض الأساسي هو الألم الشديد الذي يزداد سوءًا عندما يتنفس المصاب بعمق أو يسعل أو يتحرك، وتشمل الأعراض الأخرى الشائعة ما يلي:
- ألم عند الضغط على المنطقة المصابة.
- تورم وكدمات مكان الصدمة على القفص الصدري.
- صعوبة التنفس والتنفس الضحل بسبب الألم.
- صوت فرقعة عندما يتحرك الضلع المكسور ضد ضلع آخر أو غضروف.
كيف يتم تشخيص كسر الضلع؟
يعد التشخيص السليم أمرًا ضروريًا لتحديد شدة ونوع كسر الضلع، ويشتبه الأطباء بكسور الأضلاع عندما يشعر المريض بإيلام شديد عند جس ضلع أو أكثر في منطقة محددة، ولا يحتاج الأطباء دائما إلى تأكيد التشخيص عن طريق التصوير بالأشعة السينية، لأن وجود كسور الأضلاع لا يغير من طريقة معالجة الإصابة في الصدر. ومع ذلك، يقوم الأطباء بإجراء التصوير للتحري عن مشكلات خطيرة يمكن أن تترافق مع كسور الأضلاع، وتشمل طرق التصوير ما يلي:
الأشعة السينية: تقنية التصوير الأكثر شيوعًا المستخدمة لتأكيد كسور الأضلاع، ويمكن أن تساعد الأشعة السينية أيضًا على تشخيص انخماص الرئة، ومع ذلك قد لا تكون الكسور البسيطة مرئية دائمًا في الأشعة السينية.
التصوير المقطعي المحوسب: يوفر رؤية أكثر تفصيلًا للقفص الصدري ويمكنه اكتشاف الكسور التي قد تفوتها الأشعة السينية.
التصوير بالرنين المغناطيسي: يمكن أن يكشف هذا الفحص عن الأضرار التي أصابت الأنسجة الرخوة والأعضاء القريبة من الأضلاع، ويمكنه أن يساعد أيضًا على اكتشاف الكسور الصغيرة.
تصوير العظام: تحقن كمية صغيرة من مادة مشعة في مجرى الدم، تتجمع هذه المادة في العظام، خاصة في الأماكن التي تتعافى فيها العظام، ومن ثم يكتشفها جهاز المسح الضوئي، ويناسب هذا النوع من الفحوص حالات الكسور الإجهادية التي تتعرض لها العظام بعد التعرض لصدمات متكررة، مثل نوبات السعال الطويلة.
الموجات فوق الصوتية: يمكن استخدامه للكشف عن كسور الأضلاع، وخاصة عند المرضى الذين يشكل التعرض للإشعاع مصدر قلق بالنسبة لهم.
كيف تعالَج كسور الأضلاع؟
يشمل علاج كسور الأضلاع نوعين هما العلاج المحافظ والعلاج الجراحي.
العلاج المحافظ:
تشفى معظم كسور الأضلاع بشكل تلقائي في غضون ستة أسابيع، حيث يكفي العلاج المحافظ الذي يتضمن الراحة واستخدام مسكنات الألم والالتزام ببعض التوصيات لتسريع الشفاء، إذ لا يمكن وضع الجبائر للأضلاع نظرًا إلى حركتها المتواصلة مع التنفس.
تسكين الألم: يشكل تسكين الألم جانبًا بالغ الأهمية من العلاج، وتشمل الأدوية الشائعة ما يلي:
- الباراسيتامول: متاح دون وصفة طبية.
- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية: تقليل الألم والالتهاب، مثل الإيبوبروفين والديكلوفيناك.
- المواد الأفيونية: توصف لعلاج الألم الشديد، ولكن يستخدم بحذر بسبب خطر الإدمان.
- مرخيات العضلات: لتخفيف التشنجات العضلية المصاحبة لكسور الأضلاع.
الراحة: لا تعني الجلوس في السرير وإنما تجنب بعض الأمور مثل:
- الحركات التي قد تؤدي إلى ضرر الضلع المكسور.
- رفع الأشياء الثقيلة.
- ممارسة الرياضات المجهدة أو التي فيها احتكاك بدني.
- الأنشطة التي فيها دفع أو شد.
- السعال بقوة.
التوصيات لتسريع الشفاء: هناك بعض التوصيات التي تخفف الألم وتقي من المضاعفات وتسرع الشفاء، وأهمها:
- كمادات الثلج: وضع أكياس الثلج على مكان الإصابة بشكل منتظم يساعد على تقليل التورم والألم.
- تمارين التنفس العميق: من المهم ممارسة التنفس العميق والسعال للوقاية من حدوث الالتهاب الرئوي نتيجة التنفس السطحي، ويتم بأخذ نفس عميق لمدة 3 ثوانٍ، ثم التنفس الهادئ لمدة 3 ثوانٍ مع بعض النفخات القصيرة، ثم التنفس العميق لمدة 3 ثوانٍ، وهكذا عدة مرات، ويكرر التمرين عدة مرات يوميًا.
- علاج بدني: يساعد على الحفاظ على الحركة وتقوية عضلات الصدر.
العلاج الجراحي:
قد يكون ضروريًا في حالات معيّنة، مثل:
- الصدر السائب.
- الكسور المتبدلة.
- الكسور المترافقة مع كسور عظم القص.
- الكسر الذي يهدد الأعضاء الحيوية.
- فشل العلاج المحافظ واستمرار الألم.
ويجرى العلاج الجراحي تحت التخدير العام، ويتم فيه تثبيت الضلع المكسور جراحيًا باستخدام الصفائح والمسامير، وقد يجرى بضع الصدر، وهو إجراء جراحي للوصول إلى تجويف الصدر وإصلاح كسور الأضلاع المتعددة أو الإصابات المرتبطة بها.