الأربعاء, 22 أكتوبر 2025 02:47 PM

هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بتهجير قسري لسكان قرى سورية محتلة وتطالب بوقف الدعم العسكري

هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بتهجير قسري لسكان قرى سورية محتلة وتطالب بوقف الدعم العسكري

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم القوات الإسرائيلية بارتكاب انتهاكات بحق السكان في الأجزاء التي تحتلها من جنوب سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، بما في ذلك التهجير القسري الذي يُعد جريمة حرب. وأوضحت المنظمة أن القوات الإسرائيلية صادرت وهدمت المنازل، وحرمت السكان من ممتلكاتهم وسبل عيشهم، واحتجزتهم تعسفاً ونقلتهم إلى إسرائيل.

وذكرت المنظمة أن إسرائيل توغلت منذ انهيار الحكومة السورية السابقة في ديسمبر/كانون الأول 2024 في المنطقة المنزوعة السلاح التي تشرف عليها "الأمم المتحدة"، والتي تفصل هضبة الجولان (الأراضي السورية المحتلة منذ 1967) عن الجزء الخاضع للسيطرة السورية من محافظة القنيطرة. وأنشأت إسرائيل بسرعة تسعة مواقع عسكرية تمتد من جبل حرمون مروراً بمدينة القنيطرة وصولاً إلى أجزاء من غربي درعا، وكثفت أيضاً ضرباتها الجوية على البنية التحتية العسكرية.

وأكدت المنظمة أن المسؤولين الإسرائيليين أعلنوا مراراً وتكراراً منذ فبراير/شباط عن عزمهم على "تجريد جنوب سوريا بالكامل من السلاح"، وصرحوا بأن القوات ستبقى إلى أجل غير مسمى في الأراضي التي استولت عليها مؤخراً. وتشير التقارير الإعلامية الأخيرة عن توغلات برية إسرائيلية جديدة في بلدة القنيطرة وتحليق مكثف فوق القنيطرة ودرعا إلى استمرار العمليات في جنوب سوريا. وتمنع إسرائيل عشرات الآلاف من النازحين السوريين من العودة إلى الجولان منذ عام 1967.

وقالت هبة زيادين، باحثة أولى في شؤون سوريا في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي ألا تتمتع القوات العسكرية الإسرائيلية العاملة في سوريا بحرية الاستيلاء على المنازل وهدمها وطرد العائلات منها. الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل في جنوب سوريا ليست لها ضرورة عسكرية مشروعة، بل هي جزء من قواعد اللعبة التي تعتمدها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأجزاء أخرى من المنطقة، والتي تجرد السكان من حقوقهم وحرياتهم الأساسية".

وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2025 مع ثمانية سكان محليين، بينهم خمسة من سكان قرية الحميدية الذين هُدمت منازلهم، وناشط ومحام احتجزته القوات الإسرائيلية لفترة وجيزة، وزعيم محلي، وأحد سكان قرية جباتا الخشب، حيث منعت القوات الإسرائيلية السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية. وقام الباحثون بمراجعة الصور والفيديوهات التي أرسلها الأشخاص الذين قابلوهم، وحللوا صور الأقمار الصناعية لتأكيد الروايات، وتحديد متى وأين تم بناء المنشآت العسكرية، وقياس مساحة المناطق التي تم تجريفها أو هدمها. كما قابلت هيومن رايتس ووتش أقارب وشهوداً على احتجاز سبعة سوريين منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 وطفل آخر في أبريل/نيسان 2024، عندما كان عمره 17 عاماً. ونُقل الثمانية جميعاً إلى إسرائيل، حيث يقول الشهود والأقارب إنهم ما زالوا محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي ودون تهمة.

وأوضحت المنظمة أنها كتبت إلى الجيش الإسرائيلي في 3 سبتمبر/أيلول 2025، تُبين بالتفصيل النتائج التي توصلت إليها وتستفسر عن المحتجزين. وردت إجابة خطية في 8 سبتمبر/أيلول، صرّح فيها الجيش الإسرائيلي بأنه يعمل في جنوب سوريا "لحماية مواطني دولة إسرائيل".

وفي الحميدية، هدمت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 12 مبنى في 16 يونيو/حزيران، ما أدى إلى تهجير ثماني عائلات من منازلها. وطرد الجنود العائلات في ديسمبر/كانون الأول 2024، وأخبروهم لاحقاً أن عمليات الطرد والهدم كانت ضرورية بسبب وضع منشأة عسكرية جديدة في المنطقة المجاورة.

وفي جباتا الخشب، شيدت القوات الإسرائيلية منشأة عسكرية أخرى وبدأت بجرف مساحات شاسعة من الأراضي، بما فيها محمية غابات عمرها أكثر من قرن. وأفاد السكان أن القوات الإسرائيلية منعتهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومراعيهم بالقرب من المنشأة. وأكدت صور الأقمار الصناعية التي حللتها هيومن رايتس ووتش أن بناء المنشأتين العسكريتين بدأ في أوائل يناير/كانون الثاني 2025.

وشددت هيومن رايتس ووتش على أن القانون الدولي الإنساني يحظر التهجير القسري للمدنيين في الأراضي المحتلة إلا كإجراء أخير، وفقط إذا كانت هناك أسباب عسكرية قاهرة تتطلب ذلك أو إذا كان ذلك ضرورياً لأمن السكان المدنيين أنفسهم. ويشكل التهجير القسري غير المبرر في الأراضي المحتلة جريمة حرب. كما يُحظر على إسرائيل نقل المحتجزين خارج الأراضي المحتلة إلى إسرائيل، بغضّ النظر عن الادعاءات. ويُحظر أيضاً تدمير الممتلكات المدنية ما لم يكن ذلك ضرورياً للغاية للعمليات العسكرية الجارية.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن أنشطته "تتوافق مع القانون الدولي"، وأن عمليات الهدم في الحميدية كانت تدابير "عملياتية ضرورية" و"لا يوجد مدنيون … يقيمون في المباني"، وأن الاعتقالات والنقل إلى إسرائيل كانت تستند إلى معلومات استخبارية وخاضعة للمراجعة القضائية.

ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومات إلى تعليق دعمها العسكري لإسرائيل طالما استمرت قواتها في ارتكاب انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق، بما فيها جرائم حرب، دون عقاب. وطالبت أيضاً بمراجعة التعاون الثنائي وحظر التجارة مع المستوطنات، بما يشمل هضبة الجولان السورية المحتلة. كما دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وغيرها من الدول إلى الضغط من أجل المساءلة من خلال الولاية القضائية العالمية ودعم إجراءات المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات محددة الأهداف على المسؤولين الإسرائيليين الضالعين في الانتهاكات الجسيمة المستمرة للقانون الدولي الإنساني.

وقالت زيادين: "تقاعسُ الحكومات الأخرى عن الرد على السلوك غير القانوني لإسرائيل في المنطقة يسمح لها بتطبيق أساليبها القمعية دون عقاب. على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن لتعليق الدعم العسكري، وفرض تدابير محددة الأهداف، ودعم المساءلة عبر قنوات تشمل المحكمة الجنائية الدولية".

وذكرت المنظمة تفاصيل إضافية حول دخول القوات الإسرائيلية إلى قرية الحميدية في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وهدم المنازل، ومنع السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، واعتقال السوريين تعسفاً ونقلهم إلى إسرائيل.

كما أشارت إلى أن القوات الإسرائيلية اعتقلت أكثر من 20 شخصاً منذ ديسمبر/كانون الأول، وأُفرج عن معظمهم منذ ذلك الحين. وأوضحت تفاصيل اعتقال محمد فياض، وهو ناشط ومحامٍ سوري من القنيطرة، لفترة وجيزة في 7 يناير/كانون الثاني في قرية الحميدية.

وأكدت هيومن رايتس ووتش على ضرورة احترام حقوق الأطفال، مشيرة إلى اعتقال القوات الإسرائيلية لابن أحد سكان جباتا الخشب البالغ من العمر 17 عاماً في 25 أبريل/نيسان 2024.

مشاركة المقال: