يشكل "سد النهضة الكبير" الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل، والمقرر تدشينه في التاسع من سبتمبر، محور خلاف مستمر منذ أكثر من عقد بين مصر، التي تعتبره "تهديدًا وجوديًا"، وإثيوبيا، التي تراه "فرصة" للمنطقة. يعتبر السد مصدر فخر لإثيوبيا ومحل إجماع نادر في بلد يشهد نزاعات مسلحة، خاصة في منطقتي أوروميا وأمهرة، وإقليم تيغراي الذي شهد حربًا انتهت في 2022.
قال دبلوماسي غربي في أديس أبابا لوكالة فرانس برس، إن هناك مسألتين متفق عليهما في إثيوبيا: الوصول إلى البحر والسد، خاصة بعد فقدان المنفذ البحري مع استقلال إريتريا في 1993. ومع اقتراب التدشين، تنتشر صور السد على وسائل التواصل الاجتماعي.
تتنافس الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وحزب رئيس الوزراء أبيي أحمد على نسبة الفضل في تنفيذ المشروع لأنفسهم. وأوضح أليكس فاينز من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن الحكومة الإثيوبية تسعى لاستخدام السد والمواجهة مع جيرانها لتوحيد الصفوف في ظل هشاشة سياسية داخلية.
بدأ مشروع "سد النهضة الإثيوبي الكبير" في أبريل 2011 بميزانية أربعة مليارات دولار، وهو أكبر مشروع كهرومائي في إفريقيا. يبلغ عرضه 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترًا، بسعة تخزينية تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه. يواجه المشروع انتقادات من مصر التي تعتمد على النيل لتغطية 97% من احتياجاتها المائية.
تقدر موارد مصر المائية بحوالي 56.6 مليار متر مكعب سنويًا، بينما تبلغ احتياجاتها المائية حوالي 114 مليار متر مكعب سنويًا. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر لن تغض الطرف عن تهديد أمنها المائي وستتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على مقدرات شعبها.
قامت السلطات المصرية بالتقارب مع إريتريا والصومال، وأعرب السودان عن قلقه حيال تشغيل سد النهضة. فشلت محاولات الوساطة بين الدول الثلاث من قبل الولايات المتحدة والبنك الدولي وروسيا والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الإفريقي.
أكد أبيي أحمد أن سد النهضة ليس تهديدًا بل فرصة مشتركة، وأن سد أسوان في مصر لم يخسر لترًا واحدًا من المياه بسبب سد النهضة. وكرر هذا الخطاب في مقابلة تلفزيونية، مؤكدًا أن السدود المصرية والسودانية يفترض أن تكون ممتلئة.
يرى خبراء أن تعايشًا سلميًا بين الدول ممكن، وأن النيل يكفي الجميع إن تمت إدارته بصورة صحيحة. ويعتبر الخبراء أنه من غير المحتمل اندلاع نزاع مفتوح بين إثيوبيا ومصر، لكن الخبير محمد محي الدين لفت إلى أن المسألة تؤثر على الاستقرار الداخلي في مصر.
مع تدشين المشروع الأسبوع المقبل، يرى أن الخيار الواقعي الوحيد أمام مصر هو التكيف.