الأحد, 27 يوليو 2025 08:23 PM

الحكومة السورية تتمسك بسياسة عدم الاستدانة رغم الحاجة الماسة لإعادة الإعمار

الحكومة السورية تتمسك بسياسة عدم الاستدانة رغم الحاجة الماسة لإعادة الإعمار

تصر حكومة دمشق، على لسان مسؤوليها المعنيين بالشأن الاقتصادي، على رفض الاستدانة الخارجية كخيار لتمويل إعادة الإعمار وتلبية الاحتياجات المتزايدة للبلاد، وذلك على الرغم من التحديات الاقتصادية الكبيرة.

توجه رسمي

في مطلع تموز الحالي، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن توجيهات الرئيس، أحمد الشرع، تقضي بعدم اللجوء إلى الديون الخارجية أو الاستدانة من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو أي مؤسسات دولية مماثلة. وأشار إلى أن تمويل العجز سيتم عبر الإصدارات المحلية من الصكوك والاقتراض الداخلي والخارجي لمدة تتراوح بين 15 و20 عامًا.

وبدوره، صرح وزير المالية، محمد يسر برنية، في حوار مع عنب بلدي في حزيران الماضي، بأن الدولة السورية لا تنوي الاقتراض من أي مؤسسة مالية دولية في الوقت الحالي، مع التزامه بالشفافية في حال اتخاذ قرار بالاقتراض مستقبلًا.

مبررات مفهومة

يرى رئيس قسم التسويق في كلية الاقتصاد بجامعة "حلب"، الدكتور محمد غريب، أن هناك مبررات لعدم الاستدانة والاعتماد على الموارد المحلية، لما في ذلك من استقلال مالي وتجنب لتكاليف الدين الخارجي المشروطة. وتعتمد الحكومة على الاستثمارات الأجنبية، وتحسين الإنتاج وزيادة الصادرات، واستغلال الثروات المحلية كالنفط والقمح، بشرط بسط السيطرة على منطقة الجزيرة السورية.

التزامات طويلة الأمد

يعتبر الباحث الاقتصادي محمد السلوم أن قرار عدم الاستدانة يعكس "حكمة سيادية وتحوّطًا سياسيًا"، حيث تمثل الحكومة السورية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، حكومة انتقالية لا ترغب في تحميل الحكومات المستقبلية التزامات مالية طويلة الأمد. ويرى أن هذا التوجه يهدف إلى تحقيق الاستقلال المالي عبر تعبئة الموارد الوطنية، وتعزيز الإنتاج والتصدير، واستقطاب الاستثمارات، خاصة الخليجية، التي بدأت تظهر ملامحها في التحولات بالعلاقة بين سوريا والسعودية.

"المدروسة" خيار

يرى الدكتور محمد غريب أن الاستدانة المدروسة يمكن أن تكون خيارًا جيدًا لتغطية تكاليف إعادة الإعمار، شريطة توجيهها إلى مشاريع استراتيجية تدر إيرادات أو مشاريع بنية تحتية تسهم في التنمية الاقتصادية، مع تجنب الاعتماد المفرط عليها لتلافي الآثار السلبية للديون.

بدائل متعددة

يقترح الدكتور محمد غريب بدائل للاستدانة، مثل الاعتماد على الاستثمارات الخارجية، وخصخصة القطاع العام، وعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، وإنشاء صناديق استثمار محلية، والاستدانة الداخلية عبر طرح سندات حكومية طويلة الأجل.

قرار مؤقت

يعتقد الباحث الاقتصادي محمد السلوم أن الاعتماد الكامل على الموارد الوطنية في المدى القصير ليس واقعيًا، وأن التعويل على الاستثمارات بدلًا من الديون قد يكون قرارًا انتقاليًا مؤقتًا، يمكن أن تستعيض عنه الحكومة لاحقًا بالاستدانة الذكية، شريطة وجود رؤية اقتصادية واضحة تهيئ البيئة القانونية والإدارية للاستثمار.

قبل عقود.. سوريا دولة شديدة المديونية

أظهرت دراسة تحليلية للفترة بين عامي 2011 و2020 أن سوريا لجأت إلى الاقتراض الخارجي بشكل كبير في الثمانينيات والتسعينيات، قبل أن تبدأ بالانخفاض مع بداية الألفية الجديدة، ما أسهم في تصنيفها كدولة شديدة المديونية حتى عام 2004، قبل أن تنجح في تسوية ديونها وتصنف كدولة منخفضة المديونية.

مشاركة المقال: