تتفاقم الفجوة بين الواقع الزراعي والتوقعات المناخية، مما أدى إلى خسائر فادحة في المحاصيل الزراعية في مناطق مختلفة من سوريا ودول أخرى، بالإضافة إلى تأثير سلبي على الموارد المائية السطحية والجوفية. وتواجه سوريا تحديات متزايدة بسبب اضطراب مواسم الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والإجهاد المائي في معظم الأحواض المائية، خاصة وأن الجزء الأكبر من الموارد المائية مشترك مع دول الجوار.
عوامل متشعبة
أوضحت الباحثة في الشأن الزراعي الدكتورة رنيم مسلم لـ ” الحرية” أن التغيرات المناخية تؤثر على الإنتاج الزراعي والموارد الطبيعية من خلال انخفاض مناسيب السدود والموارد المائية السطحية والجوفية. وأشارت إلى أن موجات الحرارة العالية والحرائق والصقيع والبرد والتنين البحري تسببت في أضرار كبيرة للإنتاج الزراعي.
كما قدمت الدكتورة مسلم شرحاً مفصلاً حول تأثير التغير المناخي على إنتاج المحاصيل الزراعية، وخاصة الحبوب والبقوليات. وأكدت أن ارتفاع درجات الحرارة، وتقلبات أنماط هطول الأمطار، وتوسع الجفاف، تقلل من إنتاجية المحاصيل الحبوبية مثل القمح والأرز، والمحاصيل البقولية، بالإضافة إلى تدهور التربة وتلف المحاصيل بسبب الفيضانات والعواصف والأمراض النباتية. وأضافت أن هذه العوامل تزيد من مخاطر الجوع وتؤثر على الأمن الغذائي وتساهم في ارتفاع أسعار الغذاء وسوء التغذية.
وتتسبب التغيرات المناخية في تحديات إضافية في عمليات تخزين ونقل الحبوب وارتفاع أسعارها. ووفقاً لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، من المتوقع أن ترتفع أسعار الحبوب بنسبة تتراوح بين 1 و 29% بحلول عام 2050.
يعتبر القمح من أكثر المحاصيل تضرراً، حيث تشير الدراسات إلى أن التغير المناخي سيؤدي إلى انخفاض إنتاج القمح العالمي بنسبة 1.9% بحلول منتصف القرن، مع تأثيرات سلبية في أفريقيا وجنوب آسيا، وزيادة انتشار الأمراض النباتية مثل مرض فطريات عفن القمح، الذي قد يقلل من إنتاج القمح العالمي بنسبة 13% حتى عام 2050.
التكيّف الشاق
أكدت الدكتورة مسلم أن التكيف مع هذه التغيرات يتطلب تطوير أصناف مقاومة للظروف المناخية الصعبة، وتطوير طرق الزراعة المستدامة مثل الزراعة التناوبية والزراعة الإيكولوجية، وتطوير طرق ري مبتكرة مثل الري بالتنقيط والرشاشات، وإعادة استخدام المياه المستصلحة ونظم الحصاد المائي لتقليل استهلاك المياه الجوفية.
وشددت على أهمية تنفيذ نهج شامل للإدارة المتكاملة للمياه في المناطق النائية والجافة، وتوفير الدعم للمزارعين، وتعزيز التعاون الدولي وتبادل التقنيات اللازمة للتكيف مع التغيرات المناخية، وتفعيل دور الشباب من خلال التوعية والتعليم والمشاركة في الحملات البيئية، وإطلاق حملات لتشجيع تجارب الطاقة المتجددة ومشاريع إعادة التدوير والتصنيع، ودعم المشاريع الخضراء والتعاون مع المؤسسات الحكومية والشركات المهنية المهتمة بالبيئة.
مقترحات
قدمت الدكتورة مسلم مقترحات للتقليل من آثار الجفاف على الزراعة، منها الاطلاع الدائم على التوقعات المستقبلية للأرصاد الجوية والمناخ لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ووضع خطط مدروسة لاستهلاك المياه استناداً إلى المتاح والمطلوب خلال السنوات القادمة.
واقترحت أيضاً استثمار السنوات التي تتميز بوفرة الأمطار في زيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية، وتعزيز البنية التقنية المتعلقة بتأمين خزانات بسعات كبيرة، وإعادة تأهيل السدود بالقرب من المناطق المتخصصة بزراعة المحاصيل الاستراتيجية وجعلها متاحة للمزارعين لتقليل الخسائر الناجمة عن عدم القدرة على توفير الري.
وأخيراً، شددت على أهمية زيادة عدد الأشجار الحراجية، والاستفادة من نتائج الأبحاث الزراعية للتعرف على أبرز الأصناف والأنواع النباتية وطرق معاملتها، بالإضافة إلى نتائج القسم الاقتصادي المتعلقة بتكاليف المحاصيل وكفائتها الاقتصادية.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية