الثلاثاء, 1 يوليو 2025 08:30 PM

الرواتب الجديدة في سوريا: هل تحقق الزيادة المنتظرة تحسين مستوى المعيشة؟

عبد اللطيف شعبان: الزيادة الأخيرة في الرواتب تختلف عن سابقاتها من حيث القيمة النقدية، ولكن يبقى السؤال: هل ستنعكس هذه الزيادة إيجاباً على القوة الشرائية للمواطنين؟ على عكس الزيادات السابقة، يأمل الكثيرون أن تكون هذه الزيادة فعالة وملموسة.

على مر العقود، شهدت الرواتب زيادات متكررة، ولكن غالباً ما كانت هذه الزيادات تفقد قيمتها بسبب ارتفاع الأسعار. ففي حين ارتفع الراتب من مئات الليرات في سبعينيات القرن الماضي إلى مئات الآلاف في أواخر عام 2024، قفزت الأسعار من خانة الآحاد إلى خانة الآلاف، مما قلل من الأثر الإيجابي لتلك الزيادات.

فعلى سبيل المثال، كان متوسط الراتب في منتصف سبعينيات القرن الماضي حوالي 300 ليرة سورية، ووصل إلى حوالي 300 ألف ليرة سورية في آخر زيادة عام 2024. بمعنى آخر، كل ليرة من الراتب القديم أصبحت ألف ليرة في الراتب الجديد. ولكن، بالمقابل، ارتفعت الأسعار بوتيرة أسرع. سعر كيلو الخبز المدعوم، الذي كان حوالي ثلث ليرة سورية في بداية السبعينات، أصبح حوالي 400 ليرة سورية في أواخر عام 2024. وكيس الإسمنت الذي كان بـ 5 ليرات سورية أصبح بـ 100 ألف ليرة سورية. وينطبق الأمر ذاته على العديد من السلع الأخرى.

ومع ذلك، شهدت سنوات سابقة تحسناً في مستوى معيشة الموظفين، وتمكن البعض من بناء مساكن وتأسيس مشاريع صغيرة وشراء سيارات، مما زاد الإقبال على الوظائف الحكومية.

الزيادة الجديدة في الرواتب جاءت في أعقاب ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية مع بداية عام 2025، مثل الخبز وأجور النقل. تعاني العديد من الأسر من استهلاك نصف دخلها أو أكثر على الخبز فقط، واضطرت أسر أخرى إلى إيقاف تعليم أبنائها بسبب ارتفاع تكاليف النقل. بل إن الكثير من الموظفين لم يعد راتبهم الشهري كافياً لتغطية تكاليف المواصلات اليومية.

لكن، هل ستتمكن الزيادة الجديدة، التي تتميز بقيمتها الكبيرة مقارنة بالزيادات السابقة، من معالجة تداعيات ارتفاع الأسعار؟ يبدو أن هناك تفاؤلاً حذراً، خاصة بعد تصريحات وزير المالية التي قللت من احتمالية حدوث زيادات جديدة في الأسعار، بل ووعدت بتحسينات إضافية في الأجور والرواتب لتصل إلى نسبة 400%، بالإضافة إلى العمل على قرار بإعفاء الأجور والرواتب من الضريبة.

يبقى التحدي قائماً فيما يتعلق بأسعار السلع التي ينتجها أو يستوردها القطاع الخاص، الذي قد يضطر إلى رفع الأسعار لمواكبة زيادة الرواتب التي سيمنحها لعماله. إلا أن مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق قلل من هذا الاحتمال، مشيراً إلى استقرار سعر الصرف وتوفر المواد في الأسواق، وتكثيف الرقابة على الأسواق.

يبقى الأمل معقوداً على ألا تقع الحكومة الحالية في أخطاء الحكومات السابقة، وأن تتجنب ارتفاع الأسعار مجدداً، وأن تسمح للمواطنين بالاستفادة من هذه الزيادة. يتطلع ذوو الرواتب إلى تحسن أوضاعهم بعد فترة من الضيق، مع ضرورة مراعاة حقوق الآخرين، وخاصة شريحة المتقاعدين والذين لا يملكون مصادر دخل أخرى.

*الكاتب: عضو جمعية العلوم الاقتصادية / عضو مشارك في اتحاد الصحفيين (موقع اخبار سوريا الوطن-١)

مشاركة المقال: