السبت, 13 سبتمبر 2025 06:59 AM

مصير ودائع اللبنانيين: خطة مقترحة للاستعادة وتوزيع الخسائر.. هل من حل قريب؟

مصير ودائع اللبنانيين: خطة مقترحة للاستعادة وتوزيع الخسائر.. هل من حل قريب؟

عاد مصير ودائع اللبنانيين في المصارف إلى دائرة الضوء مجدداً، بعد تصريح وزير المال ياسين جابر الذي أوضح أن أموال المودعين ستُعالج عبر منحهم سندات دين بفائدة، يتم تداولها في أسواق المال والبورصة.

وتناول جابر مشروع إعادة الودائع الصغيرة نقداً حتى 100 ألف دولار، مشيراً إلى أنها تمثل 85% من عدد المودعين. أما الودائع التي تتجاوز 100 ألف دولار، فستُدفع من خلال سندات دين سيادية بفائدة، قابلة للتداول في أسواق المال والبورصة، مما يتيح للراغبين بيعها.

وأكد وزير المال وجود تشاور مستمر للوصول إلى خطة عادلة للمودعين، مشدداً على أن الدولة ومصرف لبنان والمصارف ستتحمل مسؤولياتها في تسديد الودائع.

لكن، هل هذه الخطة قابلة للتطبيق وتمثل حلاً للأزمة المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات؟ وهل سيتمكن اللبنانيون قريباً من استعادة أموالهم المحتجزة؟

في هذا السياق، يرى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور بلال علامة، في حديث لـ "لبنان 24"، أن جوهر مشكلة الودائع يكمن في الفجوة الهائلة بين الالتزامات بالعملة الأجنبية وقدرة الدولة والنظام المالي على السداد. ويشدد على ضرورة اعتماد توزيع عادل ومنصف للخسائر، مع إعطاء الأولوية لحماية صغار المودعين.

ويضيف علامة أنه يجب البدء بحماية الودائع الصغيرة، وإعادة هيكلة المصارف، وإنشاء صندوق لاسترداد الودائع، وتوفير أدوات دين/ملكية للمودعين الكبار، بالإضافة إلى تسريع المسار التشريعي وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ويرى أن تنفيذ هذه الخطوات الأساسية يمكن أن يؤدي إلى استعادة جزئية للودائع والسيطرة على المخاطر الاجتماعية والنقدية.

ويوضح علامة أن الأزمة المالية نتجت عن سياسات مالية غير مستدامة، وعجز متراكم، وتمويل حكومي عبر المصارف ومصرف لبنان، مما أدى إلى قيود على السحوبات والتحويلات، وانهيار سعر الصرف، وركود اقتصادي حاد.

ويؤكد أن الحل يجب أن يكون من خلال حزمة متكاملة من الإجراءات، وليس إجراءات متفرقة، بهدف حماية صغار المودعين، واعتماد العدالة في توزيع الخسائر، والشفافية والمحاسبة، لضمان قابلية التنفيذ وتحقيق الاستدامة النقدية.

توزيع الخسائر

يقسم علامة الأطراف المعنية بتوزيع الخسائر إلى 5:

  • الدولة اللبنانية: تتحمل 40% من الخسائر بصفتها المسؤول الأول عن تراكم العجز والهندسات المالية.
  • مصرف لبنان: يتحمل 20% بسبب مسؤوليته المباشرة عن السياسات النقدية والتمويلية.
  • المصارف التجارية: تتحمل 20% بسبب استفادتها من الفوائد والهندسات المالية.
  • المودعون الكبار: يتحملون 20% بشكل جزئي عبر أدوات مالية أو تحويلات ملكية.
  • صغار المودعين: 0%، أي حماية كاملة حتى سقف محدد (مثلاً 100,000$).

خارطة طريق زمنية

يشير علامة إلى ضرورة وجود خارطة طريق زمنية تصل إلى 24 شهراً، مقسمة إلى مراحل:

  • المرحلة الأولى (0-3 أشهر): إقرار القوانين الأساسية وتدقيق الفجوة المالية.
  • المرحلة الثانية (4-9 أشهر): تصنيف المصارف وإطلاق صندوق استرداد وسداد صغار المودعين.
  • المرحلة الثالثة (10-18 شهراً): إصدار أدوات مالية للمودعين الكبار وبدء استرداد الأموال المنهوبة.
  • المرحلة الرابعة (19-24 شهراً): توسيع نطاق السداد للشرائح المتوسطة وإصدار تقارير دورية عن الشفافية.

ويوضح علامة أن الخطة تبدأ بمسار تشريعي لتحديد حجم الفجوة المالية، ثم إطلاق آلية لحماية صغار المودعين، يليها إيجاد حلول للمودعين الكبار عبر أدوات دين وملكية.

ويضيف أنه بالتوازي، يتم استرداد الأموال المنهوبة من خلال المحاسبة والمساءلة بشكل كامل بمفعول رجعي يصل إلى 20 سنة، واستثمار عوائد الأصول العامة والنفطية.

مقارنات دولية

يقدم علامة أمثلة لدول اعتمدت حلولاً مختلفة لإعادة الودائع، فقبرص مثلاً حمت صغار المودعين وفرضت اقتطاعاً على كبارهم عام 2013. وأيسلندا حمّلت المساهمين العبء الأكبر عام 2008، بينما عمدت اليونان خلال أزمتها المالية إلى رسملة المصارف بدعم خارجي. أما الأرجنتين، فتُظهر خطورة التأخير في الإصلاح خلال الأزمات المالية والنقدية.

مسار شاق

يختتم علامة حديثه بالتأكيد على أن المسار شاق ولكنه ممكن، ويتطلب مزيجاً من الحماية الاجتماعية الواسعة، والإصلاح المالي والمصرفي الجاد، والحوكمة الشفافة، بهدف إعادة الاقتصاد اللبناني إلى مسار التعافي، وضمان استعادة تدريجية للودائع في إطار عادل ومستدام.

في الختام، ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر حلولاً لأموالهم المحتجزة منذ أكثر من 5 سنوات، ويأملون في استعادة مدخراتهم بأقل الخسائر الممكنة. فهل سيتحقق ذلك قريباً؟

المصدر: لبنان 24

مشاركة المقال: